لم يزل الحقد مذموماً بِكُل لِسَان، مقبحاً عِنْد كل إِنْسَان، حَتَّى جرى بَين يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي وَبَين عبد الْملك بن صَالح الْهَاشِمِي كَلَام يُؤْذِي، إِلَى أَن قَالَ لَهُ يحيى: لله دَرك أَي رجل أَنْت، لَوْلَا أَنَّك حقود. فَقَالَ عبد الْملك: إِن كنت تُرِيدُ بَقَاء الْخَيْر وَالشَّر عِنْدِي فَإِنِّي كَذَلِك. ويروى أَنه قَالَ لَهُ: أَنا خزانَة تحفظ الْخَيْر وَالشَّر. فَقَالَ يحيى: هَذَا جبل قُرَيْش، وَوَاللَّه مَا رَأَيْت أحدا احْتج للحقد، حَتَّى حسّنه وظرّفه غَيره. وَقد نظم ابْن الرُّومِي هَذَا الْمَعْنى، فَقَالَ وَزَاد فِي التحسين: وَمَا الحقد إِلَّا توأم الشُّكْر للفتى ... وَبَعض السجايا ينتسبن إِلَى بعض فَحَيْثُ ترى حقداً على ذِي إساءة ... فثم ترى شكرا على حسن الْقَرْض إِذا الأَرْض أدَّت ريع مَا أَنْت زارع ... من الْبذر فِيهَا، فَهِيَ ناهيك من أَرض؟
تَحْسِين الْعَمى
: قيل: لما عمي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: إِن يَأْخُذ الله من عينيّ نورهما ... فَفِي لساني وقلبي مِنْهُمَا نور قلبِي ذكي، وعقلي غير ذِي دخل ... وَفِي فمي مقول كالسيف مأثور