للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاس، وَهُوَ لمركبه أهيب. وَقَوْلهمْ: من تحسى مرقة السُّلْطَان احترقت شفتاه، وَلَو بعد حِين. وَقَول الْعَامَّة: من أكل من مَال السُّلْطَان زبيبة أَدَّاهَا تَمْرَة. وَفِي كتاب كليلة ودمنة: مثل السُّلْطَان كَمثل الْجَبَل الصعب المرتقى الَّذِي فِيهِ من كل ثَمَرَة طيبَة، وكل سبع حطوم فالارتقاء إِلَيْهِ شَدِيد، والبقاء فِيهِ أَشد. وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يَقُول: مثل أَصْحَاب السُّلْطَان كقوم ارْتَقَوْا جبلا، ثمَّ وَقَعُوا مِنْهُ، فَكَانَ أبعدهم فِي المرتقى أقربهم من التّلف. وَكَانَ يُقَال: أدوم التَّعَب خدمَة السُّلْطَان. وَقَالَ بَعضهم: من أَرَادَ الْعِزّ بالسلطان لم ينله حَتَّى يذل. وَمن فضول ابْن المعتز: أَشْقَى النَّاس بالسلطان صَاحبه، كَمَا أَن أقرب الْأَشْيَاء إِلَى النَّار أسرعها احتراقاً. وَمِنْهَا: من شَارك السُّلْطَان فِي عز الدُّنْيَا، شَاركهُ فِي ذل الْآخِرَة. وَمِنْهَا: لَا يدْرك الْغنى بالسلطان إِلَّا نفس خائفة، وجسم تَعب، وَدين منثلم. وَقد ألم بِهِ أَبُو الْفَتْح البستي فَقَالَ: يَا من رأى خدمَة السُّلْطَان عدته ... مَا أَرض كدك إِلَّا الذل والندم دع الْمُلُوك، فَخير من وجودك مَا ... ترجوه عِنْدهم الحرمان والعدم إِنِّي أرى صَاحب السُّلْطَان فِي ظلم ... مَا مِثْلهنَّ، إِذا قَاس الْفَتى، ظلم فجسمه تَعب، وَالنَّفس خائفة ... وَعرضه عرضة، وَالدّين منثلم هَذَا إِذا استوثقت أَيَّام دولته والصيلم الْأذن إِن زلت بِهِ الْقدَم وَقَالَ أَيْضا: صَاحب السُّلْطَان لَا بُد لَهُ ... من غموم تعتريه، وغمم وَالَّذِي يركب بحراً سيرى ... قحم الْأَهْوَال من بعد قح وأنشدني أَبُو بكر العوامي لِابْنِ عباد: إِذا أدناك سُلْطَان فزده ... من التعزيم، واحذره وراقب فَمَا السُّلْطَان إِلَّا الْبَحْر عظما ... وَقرب الْبَحْر مَذْمُوم العواقب

<<  <   >  >>