للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْسلين.

وصفوة رب الْعَالمين.

لقد رَأَيْت من قس عجبا.

وشهدتُ أمرا مرعبًا.

فَقَالَ وَمَا الَّذِي رَأَيْته وحفظته عَنْهُ، فَقَالَ خرجتُ فِي الْجَاهِلِيَّة أطلب بَعِيرًا شرد مني كنت أقفو أَثَره.

وأطلب خَبره.

فِي تنائف حقائف ذَات دعادع لَيْسَ بِهَا للكرب مقيل.

وَلَا لغير الْجِنّ سَبِيل.

وَإِذا أَنَا بموئل مهول.

فِي طود عَظِيم.

لَيْسَ بِهِ إِلَّا البوم.

وأدركني اللَّيْل فولجته مذعورًا لآمن فِيهِ حتفي.

وَلَا أركن إِلَى غير سَيفي.

فبتُ بلَيْل طَوِيل.

كَأَنَّهُ بلَيْل مَوْصُول.

أرقب الْكَوَاكِب.

وأرمقُ الغياهب.

حَتَّى إِذا الليلُ عسعس.

وَكَاد الصبحُ أَن يتنفس.

هتف إليّ هَاتِف يَقُولُ:

(يَا أَيهَا الراقدُ فِي اللَّيْل الأحم ... قد بعث الله نَبيا فِي الْحرم)

(من هَاشم أهل الْوَفَاء وَالْكَرم ... يجلو دجنات اللَّيْل والبهم)

قَالَ فأدرت طرفِي فَمَا رَأَيْت لَهُ شخصا.

وَلَا سمعتُ لَهُ فحصًا.

فأنشأت أَقُول:

(يَا أَيهَا الْهَاتِف فِي داجي الظُّلم ... أَهلا وسهلاً بك من طيف ألم)

(بَين هداك لي فِي لحن الْكَلم ... وَمَا الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ تغتنم)

قَالَ فَإِذا نحنُ بنحنحة وَقَائِل يَقُولُ.

ظهر النُّور وَبَطل الزُّور.

وَبعث الله مُحَمَّدًا بالحبور.

صَاحب النجيب الْأَحْمَر.

والتاج والمغفر.

وَالْوَجْه الْأَزْهَر.

والحاجب الْأَقْمَر.

والطرف الأحور.

صَاحب قَول شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَذَاك مُحَمَّد الْمَبْعُوث إِلَى الْأسود والأبيض أهل الْمدر والوبر ثُمَّ أنشأ يَقُول:

(الْحَمد الله الَّذِي ... لَم يخلق الْخلق عَبث)

(ولَم يخلنا سدى ... من بعد عِيسَى واكترث)

(أرسل فِينَا أَحْمَد ... خير نَبِي قد بعث)

(صلى عَلَيْهِ الله مَا ... حن لَهُ ركب وحث)

قَالَ فذهلت عَن الْبَعِير.

واكتنفني السرُور.

ولاح الصَّباح.

واتسع الْإِيضَاح.

فَتركت المور وَأخذت الْجَبَل فَإِذا أَنَا بالفنيق.

يشقشق الفوق.

فملكتُ خطامه.

وعلوت سنامه.

فمرح طَاعَة.

وهززته سَاعَة.

حَتَّى إِذا لغب.

وذل مِنْهُ مَا صَعب.

وحميت الوسادة.

وَبَردت المزادة.

فَإِذا الرَّاد.

قد هش لَهُ الْفُؤَاد.

فتركته فَترك.

وأذنتُ لَهُ فبرك.

فِي رَوْضَة خضرَة.

نَضرة عطرة.

قرب حوذان وقربان.

وعذوبان وعشيران.

وحلي وأقاحي وجنجاث وبرار.

وشقائق وأنْهَار.

كأنّها قد بَات الجو بِهَا مطيرًا.

وباكرها المزن بكورا.

فحلالها شجر.

وقرارها نَهر.

فَجعل يرْعَى أَبَا.

وأصيد ضيا.

حَتَّى إِذا أكلت وَأكل.

ونهلت ونهل.

وعللت وعل.

حللت عقاله.

وعلوت جَلَاله.

وأوسعت مجاله.

فاغتنمَ الحملة.

وَمر كالنبلة.

يسْبق الرّيح.

ويقطعُ عرض الفسيح.

حَتَّى أشرف بِي عَلَى وَاد.

وَشَجر من غير عَاد.

مورقة مونقة

<<  <  ج: ص:  >  >>