للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حميدين وتَموتان سعيدين فَقَالَا لَهُ: أوصنا يَرْحَمك الله فَقَالَ لَهما أوصيكما بتقوى الله وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ وَالصَّبْر عَلَى مَا أصابكما فَإِن ذَلِكَ من عزم الْأُمُور وأوصيكما أَن تلقيا هرم بْن حَيَّان فتقرآه مني السَّلَام وخيراه إِنِّي أَرْجُو أَن يكون رفيقي فِي الْجنَّة قَالَ فودعاه وَلَمْ يزل عُمَر وَعلي يطلبان هرم بْن حَيَّان فَبَيْنَمَا هما مارين فِي مَسْجِد النَّبِي إِذْ هما بهرم بْن حَيَّان قائمٌ يُصَلِّي فانتظراهُ فَلَمَّا انصرفَ سلما عَلَيْهِ فَرد عَلَيْهِمَا السَّلَام ثُمَّ قَالَ لَهما من أَيْنَ جئتما قَالَا جِئْنَا من عِنْدَ أويس الْقَرنِي وَهُوَ يُقْرِئك السَّلَام ويقولُ لَك إِنِّي أَرْجُو أَن تكون رفيقي فِي الْجنَّة فَلم يزل هرم بْن حَيَّان فِي طلب أويس فَبَيْنَمَا هُوَ بِالْكُوفَةِ مار على شاطئ الْفُرَات إِذْ هُوَ بِرَجُل أصهب مقرون الحاجبين أدعج الْعَينَيْنِ يغسل طمرين لَهُ من صوف فَدَنَا مِنْهُ هرم بْن حَيَّان فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا أويس فَأَجَابَهُ مثل ذَلِكَ من السَّلَام وَقَالَ لَهُ يَا هرم بْن حَيَّان قَالَ لَهُ هرم كَيفَ الزَّمَان عَلَيْك قَالَ لَهُ أويس كَيفَ الزمانُ عَلَى رجلٍ إِذا أصبح يَقُولُ لَا أَمْسَى ويُمسي يَقُولُ لَا أصبح يَا أَخا مُرَاد إِن الْمَوْت وَذكره لَم يتركا لأحد فَرحا وَإِن الأمرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لَمْ يتركا لِلْمُؤمنِ صديقا فَقَالَ لَهُ هرم يَا أويس أَنَا معرفك فَإِن عُمَر وعليا وصفاك لي فَعرفت بصفتهما فَأَنت من أَيْنَ عَرفتنِي قَالَ لَهُ أويس إِن الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا فِي الله ائتلف وَمَا تناكرنا فِي الله اخْتلف قَالَ لَهُ أويس يَا هرم اتل عَليّ آيَات من كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ فَتلا عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَينهمَا لاعبين} فَخر أويس مغشيا عَلَيْهِ فَمَا أفاقَ قَالَ لَهُ إِنِّي أُرِيد أصحبك وأكون مَعَك فَقَالَ لَهُ أويس لَا يَا هرم وَلَكِن إِذا مت لَا يكفنني أحد حَتَّى تَأتي أَنْت فتكفنني وتدفنني ثُمَّ إنَّهما افْتَرقَا ولَمْ يزل هرم بْن حَيَّان فِي طلب أويس حَتَّى دخل مَدِينَة من مَدَائِن الشَّام يُقال لَهَا دمشق فَإِذا هُوَ بِرَجُل ملفوف فِي عباءة لَهُ ملقى فِي صحن الْمَسْجِد فَدَنَا مِنْهُ فكشف العباءة عَن وَجهه فَإِذا هُوَ أويس قد تُوُفِيّ فَوضع يَده عَلَى أم رَأسه ثمَّ قَالَ واخاه هَذَا أويس الْقَرنِي مَاتَ ضائعًا فَقَالَ لَهُ من أَنْت يَا عَبْد الله وَمن هَذَا فَقَالَ أما أَنَا فهرم بْن حَيَّان الْمرَادِي وَأما هَذَا فأويس الْقَرنِي ولي الله قَالُوا فَإنَّا قد جَمعنَا لَهُ ثَوْبَيْنِ نكفنه فيهمَا فَقَالَ لَهُم هرم مَا لَهُ بِثمن ثوبكم حَاجَة وَلَكِن يُكَفِّنهُ هرم بن حَيَّان الْمرَادِي من مَاله فَضرب هرم بِيَدِهِ إِلَى مَرَدَة أويس الْقَرنِي فَإِذا هُوَ بثوبين لَمْ يكن لَهُ بِهما عهد عِنْدَ رَأس أويس عَلَى أَحدهمَا مَكْتُوب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَرَاءَة من الرَّحْمَن الرَّحِيم لأويس الْقَرنِي من النَّار وعَلى الآخر مَكْتُوب هَذَا كفن لأويس الْقَرنِي من الْجنَّة، أَخْرَجَهُ هَكَذَا بِتمامه ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه وَعند وَقفه فِي الحكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ فَإِن لَهُ طرقًا عديدة فورد هَكَذَا مطولا من حَدِيث أبي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الرَّوْيَانِيّ فِي مُسْنده وَأَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر وَسَنَده لَا بَأْس بِهِ وَقد سقته فِي جمع الْجَوَامِع فِي مُسْند أبي هُرَيْرَةَ وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس بأخصر مِنْهُ أَخْرَجَهُ ابْن عَسَاكِر وَفِي مُسْنده نهشل بْن سَعِيد واه من طَرِيق عَلْقَمَة بْن مرْثَد وَغَيره مطولا ومختصرًا وَقد سقت جَمِيعهَا فِي مُسْند عُمَر من جمع الْجَوَامِع وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>