أَن أحد الطَّرفَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَال بِخُصُوصِهِ لم يحْتَج إِلَى النِّيَّة بِخِلَاف الطّرف الآخر
وَمحل الْخلاف أَن يكون الْمجَاز راجحا والحقيقة تتعاهد فِي بعض الْأَوْقَات كَمَا لَو قَالَ لأشربن من هَذَا النَّهر فَهُوَ حَقِيقَة فِي الكرع من النَّهر بِفِيهِ وَإِذا اغترف بالكوز وَشرب فَهُوَ مجَاز لِأَنَّهُ شرب من الْكوز لَا من النَّهر لكنه الْمجَاز الرَّاجِح الْمُتَبَادر والحقيقة قد ترَاد لِأَن كثيرا من الرعاء وَغَيرهم يكرع بِفِيهِ
فَأَما إِذا كَانَ الْمجَاز راجحا والحقيقة مماتة لَا ترَاد فِي الْعرف فَلَا خلاف بَين أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله فِي تَقْدِيم الْمجَاز لِأَنَّهُ إِمَّا حَقِيقَة شَرْعِيَّة كَالصَّلَاةِ أَو عرفية كالدابة وهما مُقَدمَات على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة مِثَاله حلف لَا يَأْكُل من هَذِه النَّخْلَة فَإِنَّهُ يَحْنَث بثمرها لَا بخشبها وَإِن كَانَ هُوَ الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا قد أميتت
فَإِن غلب اسْتِعْمَال الْمجَاز حَتَّى سَاوَى الْحَقِيقَة كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُطلق على العقد وَالْوَطْء إطلاقا وَاحِدًا مَعَ أَنه حَقِيقَة فِي أَحدهمَا فَلَا خلاف أَيْضا بَينهمَا بل تقدم الْحَقِيقَة كَذَا قَالَه الْقَرَافِيّ وَهُوَ ظَاهر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute