لَيْسَ بِهِ قلبة فَذَهَبت إِلَى بَيْتِي فَلَمَّا اصبحت وَنزلت أُرِيد الْمَسْجِد إِذا بِرَجُل على الْبَاب لَا أعرفهُ فَقَالَ الْحَاج خَليفَة هَهُنَا قلت وَمَا تُرِيدُ بِهِ قَالَ حَاجَة أقولها لَهُ قلت لَهُ الْحَاجة وَأَنا أبلغه إِيَّاهَا فَإِنَّهُ مَشْغُول قَالَ لي قل لَهُ إِنِّي رَأَيْت البارحة فِي النّوم ثورا عَظِيما قد زينوه بأنواع الْحلِيّ واللباس وجلوا بِهِ يزفونه حَتَّى مروا بِهِ على دَار خَليفَة فوقفوه إِلَى أَن خرج وَرَآهُ وَقَالَ نعم هُوَ هَذَا ثمَّ أقبل بِهِ يَسُوقهُ وَالنَّاس خَلفه يزفونه حَتَّى خرج بِهِ من مَكَّة فذبحوه وألقوا رَأسه وأطرافه فِي بِئْر قَالَ فعجبت من مَنَامه وحكيت الْوَاقِعَة والمنام لأهل مَكَّة وكبرائهم فاشتروا ثورا وزينوه والبسوه وَخَرجْنَا بِهِ نزفه حَتَّى انتهينا إِلَى مَوضِع الْحفر فذبحناه وألقينا رَأسه وأطرافه وَدَمه فِي الْبِئْر الَّتِي سَمَّاهَا قَالَ وَلما كُنَّا قد وصلنا إِلَى ذَلِك الْموضع كَانَ المَاء يغور فَلَا نَدْرِي أَيْن يذهب اصلا وَلَا نَدْرِي لَهُ عينا وَلَا أثرا قَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَن طرحنا ذَلِك فِي الْبِئْر قَالَ وَكَأَنِّي بِمن أَخذ بيَدي وأوقفني على مَكَان وَقَالَ احفروا هَهُنَا قَالَ فَحَفَرْنَا وَإِذا بِالْمَاءِ يموج فِي ذَلِك الْموضع وَإِذا طَرِيق منقورة فِي الْجَبَل يمر تحتهَا الْفَارِس بفرسه فأصلحناها ونظفناها فَجرى المَاء فِيهَا نسْمع هديره فَلم يكن إِلَّا نَحْو أَرْبَعَة أَيَّام وَإِذا بِالْمَاءِ بِمَكَّة وَأخْبرنَا من حول الْبِئْر أَنهم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ فِي الْبِئْر مَاء يردونه فَمَا هُوَ إِلَّا أَن امْتَلَأت وَصَارَت موردا قَالَ الْعَلامَة شمس الدّين وَهَذَا نَظِير مَا كَانَ عَادَتهم قبل الْإِسْلَام من تَزْيِين جَارِيَة حسناء وإلباسها أحسن ثِيَابهَا وإلقائها فِي النّيل حَتَّى يطلع ثمَّ قطع الله تِلْكَ السّنة الْجَاهِلِيَّة على يَدي من أَخَاف الْجِنّ وقمعها عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهَكَذَا هَذِه الْعين وأمثالها لَو حفرهَا رجل عمري يفرق مِنْهُ الشَّيْطَان لجرت على رغمهم وَلم يذبح لَهُم عُصْفُور فَمَا فَوْقه وَلَكِن لكل زمَان رجال قَالَ وَهَذَا الرجل الَّذِي أَخْبرنِي بِهَذِهِ الْحِكَايَة كنت نزيله وجاره وَخيرته فرأيته من أصدق النَّاس وأدينهم واعظمهم أَمَانَة وَأهل الْبَلَد كلمتهم وَاحِدَة على صَدَقَة وَدينه وشاهدوا هَذِه الْوَاقِعَة بعيونهم وَالله الْهَادِي للحق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute