للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَاب الْخَامِس عشر

فِي أَن الْجِنّ مكلفون بِإِجْمَاع أهل النّظر

قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر الْجِنّ عِنْد الْجَمَاعَة مكلفون مخاطبون لقَوْله تَعَالَى {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} وَقَالَ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره أطبق الْكل على أَن الْجِنّ كلهم مكلفون

فصل قَالَ القَاضِي عبد الْجَبَّار لَا نعلم خلافًا بَين أهل النّظر فِي الْجِنّ مكلفون وَقد حكى زرقان وغسان فِيمَا ذكرَاهُ من المقالات عَن الحشوية أَنهم مضطرون إِلَى أفعالهم وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مكلفين قَالَ وَالدَّلِيل على أَنهم مكلفون مَا فِي الْقُرْآن من ذمّ الشَّيَاطِين ولعنهم والتحرز من غوائلهم وشرهم وَذكر مَا أعد الله لَهُم من الْعَذَاب وَهَذِه الْخِصَال لَا يَفْعَلهَا الله تَعَالَى إِلَّا لمن خَالف الامر وَالنَّهْي وارتكب الْكَبَائِر وهتك الْمَحَارِم مَعَ تمكنه من أَن لَا يفعل ذَلِك وَقدرته على فعل خِلَافه وَيدل على ذَلِك أَيْضا بِأَنَّهُ كَانَ من دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الشَّيَاطِين وَالْبَيَان عَن حَالهم وَأَنَّهُمْ يدعونَ إِلَى الشَّرّ والمعاصي ويوسوسون بذلك وَهَذَا كُله يدل على أَنهم مكلفون وَقَوله تَعَالَى {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} إِلَى قَوْله {فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا} إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات الدَّالَّة على تكليفهم وَأَنَّهُمْ مأمورون منهيون انْتهى

<<  <   >  >>