للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت وَهَذَا النَّفْي من عبد الله بن عَبَّاس إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ اسْتَمعُوا التِّلَاوَة فِي صَلَاة الْفجْر وَلم يرد بِهِ نفي الرُّؤْيَة والتلاوة مُطلقًا وَيدل عَلَيْهِ أَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} الأية قَالَ كَانُوا سَبْعَة من جن نَصِيبين فجعلهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رسلًا إِلَى قَومهمْ فَعلم أَن ابْن عَبَّاس لم ينف كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا حَيْثُ استمعوه فِي صَلَاة الْفجْر وَلم يرد نفي الْكَلَام بعد ذَلِك وَقَوله فجعلهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رسلًا إِلَى قَومهمْ دلّ على أَنه كَلمهمْ بعد ذَلِك وَلِهَذَا قَالُوا {يَا قَومنَا أجِيبُوا دَاعِي الله} فَدلَّ على أَنه دعاهم لما اجْتَمعُوا بِهِ قبل عودهم إِلَى قَومهمْ وَلم يرد النَّفْي أَيْضا اجْتِمَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اللَّيْلَة الَّتِي خطّ على عبد الله بن مَسْعُود خطا وَقَالَ لَهُ لَا تَبْرَح حَتَّى آتِيك وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ عبد الله بن عَبَّاس إِنَّمَا هُوَ فِي أول مَا سَمِعت الْجِنّ قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلمت حَاله وَفِي ذَلِك الْوَقْت لم يقْرَأ عَلَيْهِم وَلم يرهم كَمَا حَكَاهُ ثمَّ أَتَاهُم دَاعِي الْجِنّ مرّة أُخْرَى فَذهب مَعَه وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن كَمَا حَكَاهُ عبد الله بن مَسْعُود وَقَالَ وَأرَانِي آثَارهم وآثار نيرانهم وَالله أعلم وَعبد الله بن مَسْعُود حفظ الْقصَّتَيْنِ جَمِيعًا فرواهما ثمَّ سَاق الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى أبي بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا أَحْمد الزبيرِي حَدثنَا سُفْيَان بن عَاصِم عَن زر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ هَبَطُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا سمعُوا قَالُوا انصتوا قَالُوا صه وَكَانُوا تِسْعَة أحدهم زَوْبَعَة فَأنْزل الله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} إِلَى قَوْله {مُبين} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آذنته شَجَرَة ثمَّ سَاق الْقِصَّة الْأُخْرَى عَن عَلْقَمَة قلت لِابْنِ مَسْعُود هَل صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ مِنْكُم أحد الحَدِيث وَسَيَأْتِي وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا مَعْنَاهُ لم يقصدهم بِالْقِرَاءَةِ وعَلى هَذَا فَلم يعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاسْتِمَاعِهِمْ وَلَا كَلمهمْ وَإِنَّمَا أعلمهُ الله تَعَالَى بقوله {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ}

<<  <   >  >>