للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّيْلَة فأسكت الْقَوْم فَلم يتَكَلَّم مِنْهُم أحد قَالَ ذَلِك ثَلَاثًا فَمر بِي يمشي فَأخذ بيَدي فَجعلت أَمْشِي مَعَه حَتَّى حبست عَنَّا جبال الْمَدِينَة كلهَا وأفضينا إِلَى أَرض برَاز فَإِذا رجال طوال كَأَنَّهُمْ الرماح مستدفرو ثِيَابهمْ من بَين أَرجُلهم فَلَمَّا رَأَيْتهمْ غشيتني رعدة شَدِيدَة حَتَّى مَا تمسكني رجلاي من الْفرق فَلَمَّا دنونا خطّ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإبهام رجله فِي الأَرْض خطا وَقَالَ لي اقعد فِي وَسطه فَلَمَّا جَلَست ذهب عني كل شَيْء كنت أَجِدهُ من رِيبَة وَمضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبينهمْ فَتلا قُرْآنًا وبقوا حَتَّى طلع الْفجْر ثمَّ أقبل حَتَّى مر بِي فَقَالَ لي الْحق فَجعلت أَمْشِي مَعَه فمضينا غير بعيد فَقَالَ لي الْتفت وَانْظُر هَل ترى حَيْثُ كَانَ أُولَئِكَ من أحد فَقلت يَا رَسُول الله أرى سوادا كثيرا فخفض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه إِلَى الأَرْض فنظم عظما بروثه ثمَّ رمى بهَا إِلَيْهِم وَقَالَ رشد أُولَئِكَ من وَفد قوم هم وَفد نَصِيبين سَأَلُونِي الزَّاد فَجعلت لَهُم كل عظم وروثة قَالَ الزبير فَلَا يحل لأحد أَن يستنجي بِعظم وروثة وَرَوَاهُ يزِيد بن عبد ربه وَأحمد بن مَنْصُور بن يسَار عَن مُحَمَّد بن وهب بن عَطِيَّة الدِّمَشْقِي عَن بَقِيَّة عَن نمير عَن قُحَافَة عَن أَبِيه عَن الزبير فَهَذِهِ اللَّيْلَة غير لَيْلَة ابْن مَسْعُود تِلْكَ كَانَت ببقيع الفرقد وَهَذِه كَانَت نائية عَن جبال الْمَدِينَة فقد دلّت الْأَحَادِيث على تعدد وُفُود الْجِنّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَالله أعلم

قَالَ الْحَافِظ أَبُو نعيم نقُول وَالله الْمُوفق إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمر بِمَا فقد من حياطة أبي طَالب ابْتغى النَّصْر والحياطة من رُؤَسَاء قُرَيْش فَلم يجد عِنْدهم نصرا وَخرج إِلَى أَخْوَاله بِالطَّائِف فَكَانَ مَا لَقِي مِنْهُم أعظم وأوحش مِمَّا كَانَ يلقى من أهل مَكَّة فَانْصَرف كئيبا مَحْزُونا فَأرْسل الله إِلَيْهِ ملك الْجبَال مَعَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ليقوى متته فَكَانَ مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا خص بِهِ من الرأفة وَالرَّحْمَة واستظهرهم واستبقاهم رَجَاء استنقاذهم وَأَن يخرج الله تَعَالَى من أصلابهم من يوحد الله تَعَالَى فصرف

<<  <   >  >>