للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي أَن مؤمنيهم إِذا دخلُوا الْجنَّة هَل يرَوْنَ الله تَعَالَى أم لَا

قد وَقع فِي كَلَام ابْن عبد السَّلَام فِي الْقَوَاعِد الصُّغْرَى مَا يدل على أَن مؤمني الْجِنّ إِذا دخلُوا الْجنَّة لَا يرَوْنَ الله تَعَالَى وَأَن الرُّؤْيَة مَخْصُوصَة بمؤمني الْبشر فَإِنَّهُ صرح بِأَن الْمَلَائِكَة لَا يرَوْنَ الله تَعَالَى فِي الْجنَّة وَمُقْتَضى هَذَا أَن الْجِنّ لَا يرونه فَإِنَّهُ صرح قَالَ وَقد أحسن الله تَعَالَى إِلَى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وأفاضل الْمُؤمنِينَ بالمعارف وَالْأَحْوَال والطاعات والإذعان ونعيم الْجنان ورضا الرَّحْمَن وَالنَّظَر إِلَى الديَّان مَعَ سَماع تَسْلِيمه وَكَلَامه وتبشيره بتأيد الرضْوَان وَلم يثبت للْمَلَائكَة مثل ذَلِك وَلَا شكّ أَن أجساد الْمَلَائِكَة أفضل من أجساد الْبشر وَأما أَرْوَاحهم فَإِن كَانَت أعرف بِاللَّه تَعَالَى وأكمل أحوالا بأحوال الْبشر فهم أفضل من الْبشر وَإِن اسْتَوَت الْأَرْوَاح فِي ذَلِك فقد فضلت الْمَلَائِكَة الْبشر بالأجساد فَإِن اجسادهم من نور وأجساد الْبشر من لحم وَدم وَفضل الْبشر الْمَلَائِكَة بِمَا ذَكرْنَاهُ من نعيم الْجنان وَقرب الديَّان وَرضَاهُ وتسليمه وتقريبه وَالنَّظَر إِلَى وَجهه الْكَرِيم وَإِن فَضلهمْ الْبشر فِي المعارف وَالْأَحْوَال والطاعات كَانُوا بذلك أفضل مِنْهُم وَبِمَا ذَكرْنَاهُ مِمَّا وعدوا بِهِ فِي الْجنان وَلَا شكّ أَن للبشر طاعات لم يثبت مثلهَا للْمَلَائكَة كالجهاد وَالصَّبْر ومجاهدة الْهوى وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وتبليغ الرسالات وَالصَّبْر على البلايا والمحن والرزايا ومشاق الْعِبَادَات لأجل الله تَعَالَى وَقد ثَبت أَنهم

<<  <   >  >>