أَثَره فِي حل النِّكَاح بَينهم وَهَذَا السُّؤَال هُوَ الَّذِي أورد على الْمَسْأَلَة الباعثة على تأليف هَذَا الْكتاب وَالْجَوَاب من وُجُوه
الأول أَنهم وَإِن خلقُوا من نَار فليسوا بباقين على عنصرهم النارى بل قد استحالوا عَنهُ بِالْأَكْلِ وَالشرب والتوالد والتناسل كَمَا اسْتَحَالَ بَنو آدم عَن عنصرهم الترابي بذلك على أَنا نقُول إِن الَّذِي خلق من نَار هُوَ أَبُو الْجِنّ كَمَا خلق آدم ابو الْإِنْس من تُرَاب واما كل وَاحِد من الْجِنّ غير أَبِيهِم فَلَيْسَ مخلوقا من النَّار كَمَا أَن كل وَاحِد من بني آدم لَيْسَ مخلوقا من تُرَاب وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه وجد برد لِسَان الشَّيْطَان الَّذِي عرض لَهُ فِي صلَاته على يَده لما خنقه وَفِي رِوَايَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا زلت أخنقه حَتَّى برد لعابه فبرد لِسَان الشَّيْطَان ولعابه دَلِيل على أَنه انْتقل عَن العنصر الناري إِذْ لَو كَانَ بَاقِيا على حَاله فَمن أَيْن جَاءَ الْبرد روقد بسطنا القَوْل فِي انتقالهم من العنصر الناري فِي الْبَاب الثَّالِث الَّذِي عقدناه فِي بَيَان مَا خلقُوا مِنْهُ فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى إِعَادَته وَهَذَا المصروع يدْخل بدنه الجني وَيجْرِي الشَّيْطَان من ابْن آدم مجْرى الدَّم فَلَو كَانَ بَاقِيا على حَاله لأحرق المصروع وَمن جرى مِنْهُ مجْرى الدَّم
وَقد سُئِلَ مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ فَقيل إِن هَهُنَا رجلا من الْجِنّ يخْطب إِلَيْنَا جَارِيَة يزْعم أَنه يُرِيد الْحَلَال فَقَالَ مَا أرى بذلك بَأْسا فِي الدّين وَلَكِن أكره إِذا وجدت امْرَأَة حَامِل قيل لَهَا من زَوجك قَالَت من الْجِنّ فيكثر الْفساد فِي الْإِسْلَام بذلك
وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن الإِمَام مَالك رَضِي الله عَنهُ أوردهُ أَبُو عُثْمَان سعيد بن الْعَبَّاس الرَّازِيّ فِي كتاب الإلهام والوسوسة فِي بَاب نِكَاح الْجِنّ فَقَالَ حَدثنَا مقَاتل حَدثنِي سعد بن دَاوُد الزبيدِيّ قَالَ كتب قوم من إِلَى مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ يسألونه عَن نِكَاح الْجِنّ وَقَالُوا إِن هَهُنَا رجلا من الْجِنّ إِلَى آخِره
الْوَجْه الثَّانِي إِنَّا لَو سلمنَا عدم إِمْكَان الْعلُوق فَلَا يلْزم من عدم