والمتخيلات كلهَا ويقتني من الْعُلُوم مَا لَو سلب آلَة حسه وتخيله بَقِي ريانا بالعلوم الشَّرِيفَة الْكُلية الإلهية الْمُتَعَلّقَة بالمعلومات الأزلية الأبدية دون الشخصيات المتغيرة المستحيلة
وَأما إِرَادَته فينزهها عَن أَن تَدور حول الحظوظ البشرية الَّتِي ترجع إِلَى لَذَّة الشَّهْوَة وَالْغَضَب ومتعة الْمطعم وَالْمشْرَب والمنكح والملبس والملمس والمنظر وَمَا لَا يصل إِلَيْهِ من اللَّذَّات إِلَّا بِوَاسِطَة الْحس وَالْقلب بل لَا يُرِيد إِلَّا الله عز وَجل وَلَا يبْقى لَهُ حَظّ إِلَّا فِيهِ وَلَا يكون لَهُ شوق إِلَّا إِلَى لِقَائِه وَلَا فَرح إِلَّا بِالْقربِ مِنْهُ وَلَو عرضت عَلَيْهِ الْجنَّة وَمَا فِيهَا من النَّعيم لم تلْتَفت همته إِلَيْهَا وَلم يقنع من الدَّار إِلَّا بِرَبّ الدَّار
وعَلى الْجُمْلَة الإدراكات الحسية والخيالية تشارك الْبَهَائِم فِيهَا فَيَنْبَغِي أَن يترقى عَنْهَا إِلَى مَا هُوَ من خَواص الإنسانية والحظوظ البشرية الشهوانية يزاحم الْبَهَائِم أَيْضا فِيهَا فَيَنْبَغِي أَن يتنزه عَنْهَا فجلالة المريد على قدر جلالة مُرَاده
وَمن همته مَا يدْخل فِي بَطْنه فَقيمته مَا يخرج مِنْهُ وَمن لم يكن لَهُ همة سوى الله عز وَجل فدرجته على قدر همته وَمن رقى علمه عَن دَرَجَة المتخيلات والمحسوسات وَقدس إِرَادَته عَن مُقْتَضى الشَّهَوَات فقد نزل بحبوحة حَظِيرَة الْقُدس