للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمن أَسمَاء الله تَعَالَى مَا يكون نقلهَا إِلَى العَبْد مجَازًا وَهُوَ الْأَكْثَر وَمِنْهَا مَا يكون فِي حق العَبْد حَقِيقَة وَفِي حق الله تَعَالَى مجَازًا كالصبور والشكور وَلَا يَنْبَغِي أَن تلاحظ الْمُشَاركَة فِي الِاسْم وتذهل عَن هَذَا التَّفَاوُت الْعَظِيم الَّذِي ذَكرْنَاهُ

الْغفار

هُوَ الَّذِي أظهر الْجَمِيل وَستر الْقَبِيح والذنُوب من جملَة القبائح الَّتِي سترهَا بإسبال السّتْر عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا والتجاوز عَن عقوبتها فِي الْآخِرَة والغفر هُوَ السّتْر

وَأول ستره على العَبْد أَن جعل مقابح بدنه الَّتِي تستقبحها الْأَعْين مستورة فِي بَاطِنه مغطاة بِجَمَال ظَاهره فكم بَين بَاطِن العَبْد وَظَاهره فِي النَّظَافَة والقذارة وَفِي الْقبْح وَالْجمال فَانْظُر مَا الَّذِي أظهره وَمَا الَّذِي ستره

وستره الثَّانِي أَن جعل مُسْتَقر خواطره المذمومة وإرادته القبيحة سر قلبه حَتَّى لَا يطلع أحد على سره وَلَو انْكَشَفَ لِلْخلقِ مَا يخْطر بِبَالِهِ فِي مجاري وسواسه وَمَا ينطوي عَلَيْهِ ضَمِيره من الْغِشّ والخيانة وَسُوء الظَّن بِالنَّاسِ لمقتوه بل سعوا فِي تلف روحه وأهلكوه فَانْظُر كَيفَ ستر عَن غَيره أسراره وعوراته

وستره الثَّالِث مغفرته ذنُوبه الَّتِي كَانَ يسْتَحق الافتضاح بهَا على مَلأ الْخلق وَقد وعد أَن يُبدل سيئاته حَسَنَات ليستر مقابح ذنُوبه بِثَوَاب حَسَنَاته مهما مَاتَ على الْإِيمَان تَنْبِيه

حَظّ العَبْد من هَذَا الِاسْم أَن يستر من غَيره مَا يجب أَن يستر مِنْهُ فقد قَالَ

<<  <   >  >>