الْفَصْل الثَّالِث فِي بَيَان كَيْفيَّة رُجُوع ذَلِك كُله إِلَى ذَات وَاحِدَة على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة والفلاسفة
وَهَذَا الْفَصْل وَإِن كَانَ لَا يَلِيق بِهَذَا الْكتاب وَلَكِن أودعته هَذِه الْكَلِمَات على الإيجاز بِحكم الالتماس فَمن شَاءَ أَن لَا يُثبتهُ فِي الْكتاب فَلْيفْعَل فَإِنَّهُ غير مُهِمّ فِي هَذَا الْكتاب
فَأَقُول هَؤُلَاءِ وَإِن أَنْكَرُوا الصِّفَات وَلم يثبتوا إِلَّا ذاتا وَاحِدَة فَلم ينكروا الْأَفْعَال وَلَا كَثْرَة السلوب وَلَا كَثْرَة الإضافات فَمَا رددناه من الْأَسَامِي إِلَى هَذِه الْأَقْسَام فهم عَلَيْهَا مساعدون
أما الصِّفَات السَّبع الَّتِي هِيَ الْحَيَاة وَالْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة والسمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام فَيرجع جَمِيع ذَلِك عِنْدهم إِلَى الْعلم ثمَّ الْعلم يرجع إِلَى الذَّات وَبَيَانه أَن السّمع عِنْدهم عبارَة عَن علمه التَّام الْمُتَعَلّق بالأصوات وَالْبَصَر عبارَة عَن علمه التَّام الْمُتَعَلّق بالألوان وَسَائِر المبصرات وَالْكَلَام عِنْدهم يرجع إِلَى فعله وَهُوَ مَا يخلقه من الْكَلَام فِي جسم من الجمادات عِنْد الْمُعْتَزلَة وَيرجع عِنْد الفلاسفة إِلَى سَماع يخلقه فِي ذَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يسمع هُوَ كلَاما منظوما من غير أَن يكون لَهُ وجود من خَارج كَمَا يسمعهُ النَّائِم ويضاف ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى على معنى أَنه لم يحصل ذَلِك فِيهِ بِفعل الْآدَمِيّين وأصواتهم وَأما الْحَيَاة فعبارة عِنْدهم عَن علمه بِذَاتِهِ لِأَن كل مَا يشْعر بِذَاتِهِ فَيُقَال إِنَّه حَيّ وَمَا لَا يشْعر بِذَاتِهِ لَا يُسمى حَيا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute