إِلَيْهِ واطلاعه عَلَيْهِ وَمن أخْفى عَن غير الله مَا لَا يخفيه عَن الله فقد استهان بِنَظَر الله عز وَجل والمراقبة إِحْدَى ثَمَرَات الْإِيمَان بِهَذِهِ الصّفة فَمن قارف مَعْصِيّة وَهُوَ يعلم أَن الله عز وَجل يرَاهُ فَمَا أجسره وَمَا أخسره وَمن ظن أَن الله تَعَالَى لَا يرَاهُ فَمَا أظلمه وأكفره
[الحكم]
وَهُوَ الْحَاكِم الْمُحكم وَالْقَاضِي الْمُسلم الَّذِي لَا راد لحكمه وَلَا معقب لقضائه وَمن حكمه فِي حق الْعباد أَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى وَأَن الْأَبْرَار لفي نعيم وَأَن الْفجار لفي جحيم وَمعنى حكمه للبر والفاجر بالسعادة والشقاوة أَنه جعل الْبر والفجور سَببا يَسُوق صَاحبهمَا إِلَى السَّعَادَة والشقاوة كَمَا جعل الْأَدْوِيَة والسموم أَسبَاب تَسوق متناوليها إِلَى الشَّقَاء والهلاك
وَإِذا كَانَ معنى الْحِكْمَة تَرْتِيب الْأَسْبَاب وتوجيهها إِلَى المسببات كَانَ المتصف بهَا على الْإِطْلَاق حكما مُطلقًا لِأَنَّهُ مسبب كل الْأَسْبَاب جُمْلَتهَا وتفصيلها
وَمن الحكم ينشعب الْقَضَاء وَالْقدر فتدبيره أصل وضع الْأَسْبَاب ليتوجه إِلَى المسببات حكمه ونصبه الْأَسْبَاب الْكُلية الْأَصْلِيَّة الثَّابِتَة المستقرة الَّتِي لَا تَزُول وَلَا تحول كالأرض وَالسَّمَوَات السَّبع وَالْكَوَاكِب والأفلاك وحركاتها المتناسبة الدائمة الَّتِي لَا تَتَغَيَّر وَلَا تنعدم إِلَى أَن يبلغ الْكتاب أَجله قَضَاؤُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فقضاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا ٤١ سُورَة فصلت الْآيَة ١٢ وتوجيه هَذِه الْأَسْبَاب بحركاتها المتناسبة المحدودة الْمقدرَة المحسوبة إِلَى المسببات الْحَادِثَة مِنْهَا لَحْظَة بعد لَحْظَة قدره فَالْحكم هُوَ التَّدْبِير الأول الْكُلِّي وَالْأَمر الأزلي الَّذِي هُوَ كلمح الْبَصَر وَالْقَضَاء هُوَ الْوَضع الْكُلِّي للأسباب الْكُلية الدائمة وَالْقدر هُوَ تَوْجِيه الْأَسْبَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute