وَالثَّالِثَة أَن علم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالأشياء غير مُسْتَفَاد من الْأَشْيَاء بل الْأَشْيَاء مستفادة مِنْهُ وَعلم العَبْد بالأشياء تَابع للأشياء وَحَاصِل بهَا
وَإِن اعتاص عَلَيْك فهم هَذَا الْفرق فانسب علم متعلم الشطرنج إِلَى علم وَاضعه فَإِن علم الْوَاضِع هُوَ سَبَب وجود الشطرنج وَوُجُود الشطرنج هُوَ سَبَب علم المتعلم وَعلم الْوَاضِع سَابق على الشطرنج وَعلم المتعلم مَسْبُوق ومتأخر فَكَذَلِك علم الله عز وَجل بالأشياء سَابق عَلَيْهَا وَسبب لَهَا وَعلمنَا بِخِلَاف ذَلِك
وَشرف العَبْد بِسَبَب الْعلم من حَيْثُ أَنه من صِفَات الله عز وَجل وَلَكِن الْعلم الْأَشْرَف مَا معلومه أشرف وأشرف المعلومات هُوَ الله تَعَالَى فَلذَلِك كَانَت معرفَة الله تَعَالَى أفضل المعارف بل معرفَة سَائِر الْأَشْيَاء أَيْضا إِنَّمَا تشرف لِأَنَّهَا معرفَة لأفعال الله عز وَجل أَو معرفَة للطريق الَّذِي يقرب العَبْد من الله عز وَجل أَو الْأَمر الَّذِي يسهل بِهِ الْوُصُول إِلَى معرفَة الله تَعَالَى والقرب مِنْهُ وكل معرفَة خَارِجَة عَن ذَلِك فَلَيْسَ فِيهَا كثير شرف