الْإِجْمَاع حجَّة قَطْعِيَّة خلاف فَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنه حجَّة قَطْعِيَّة مُطلقًا فَيقدم على الْأَدِلَّة كلهَا وَلَا يُعَارضهُ دَلِيل أصلا وَيكفر أَو يبدع ويضلل مخالفه وَقَالَ الإِمَام الرَّازِيّ والآمدي إِنَّه ظَنِّي مُطلقًا وَالْحق فِي ذَلِك التَّفْضِيل فَمَا اتّفق عَلَيْهِ المعتبرون حجَّة قَطْعِيَّة وَمَا اخْتلفُوا كالإجماع السكوتي وَالْإِجْمَاع الَّذِي ندر مخالفه فَهُوَ ظَنِّي
وَقد علمت مِمَّا قَرّرته لَك أَن هَذَا الْإِجْمَاع لَهُ مُخَالف نَادِر فَهُوَ وَإِن لم يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع على مَا فِيهِ من الْخلاف فِي مَحَله لكنه يُورث انحطاطه عَن الْإِجْمَاع الَّذِي لَا مُخَالف لَهُ فَالْأول ظَنِّي وَهَذَا قَطْعِيّ وَبِهَذَا يتَرَجَّح مَا قَالَه غير الْأَشْعَرِيّ من أَن الْإِجْمَاع هُنَا ظَنِّي لِأَنَّهُ اللَّائِق بِمَا قَرَّرْنَاهُ من أَن الْحق عِنْد الْأُصُولِيِّينَ التَّفْضِيل الْمَذْكُور وَكَانَ الْأَشْعَرِيّ من الْأَكْثَرين الْقَائِلين بِأَنَّهُ قَطْعِيّ مُطلقًا
وَمِمَّا يُؤَكد أَنه هُنَا ظَنِّي أَن المجمعين أنفسهم لم يقطعوا بالأفضلية الْمَذْكُورَة وَإِنَّمَا ظنوها فَقَط كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من عِبَارَات الْأَئِمَّة وإشاراتهم وَسبب ذَلِك أَن الْمَسْأَلَة اجتهادية وَمن مُسْتَنده أَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة اخْتَارَهُمْ الله لخلافة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِقَامَة دينه فَكَانَ الظَّاهِر أَن مَنْزِلَتهمْ عِنْده بِحَسب ترتيبهم فِي الْخلَافَة وَأَيْضًا ورد فِي أبي بكر وَغَيره كعلي نُصُوص متعارضة يَأْتِي بسطها فِي الْفَضَائِل وَهِي لَا تفِيد الْقطع لِأَنَّهَا بأسرها آحَاد وظنية الدّلَالَة مَعَ كَونهَا متعارضة أَيْضا وَلَيْسَ الِاخْتِصَاص بِكَثْرَة أَسبَاب الثَّوَاب مُوجبا لزيادته المستلزمة للأفضلية قطعا بل ظنا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute