للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَذَاب وَلَا شكّ أَن دعاءه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستجاب فَعلمنَا مِنْهُ أَنه لَا عِقَاب على مُعَاوِيَة فِيمَا فعل من تِلْكَ الحروب بل لَهُ الْأجر كَمَا تقرر

وَقد سمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فئته الْمُسلمين وساواهم بفئة الْحسن فِي وصف الْإِسْلَام فَدلَّ على بَقَاء حُرْمَة الْإِسْلَام لِلْفَرِيقَيْنِ وَأَنَّهُمْ لم يخرجُوا بِتِلْكَ الحروب عَن الْإِسْلَام وَأَنَّهُمْ فِيهِ على حد سَوَاء فَلَا فسق وَلَا نقص يلْحق أَحدهمَا لما قَرَّرْنَاهُ من أَن كلا مِنْهُمَا متأول تَأْوِيلا غير قَطْعِيّ الْبطلَان وَفِئَة مُعَاوِيَة وَإِن كَانَت هِيَ الباغية لكنه بغي لَا فسق بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صدر عَن تَأْوِيل يعْذر بِهِ أَصْحَابه

وَتَأمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر مُعَاوِيَة بِأَنَّهُ يملك وَأمره بِالْإِحْسَانِ تَجِد فِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى صِحَة خِلَافَته وَأَنَّهَا حق بعد تَمامهَا لَهُ بنزول الْحسن لَهُ عَنْهَا فَإِن أمره بِالْإِحْسَانِ الْمُتَرَتب على الْملك يدل على حقية ملكه وخلافته وَصِحَّة تصرفه ونفوذ أَفعاله من حَيْثُ صِحَة الْخلَافَة لَهُ من حَيْثُ التغلب لِأَن المتغلب فَاسق معاقب لَا يسْتَحق أَن يبشر وَلَا يُؤمر بِالْإِحْسَانِ فِيمَا تغلب عَلَيْهِ بل إِنَّمَا يسْتَحق الزّجر والمقت والإعلام بقبيح أَفعاله وَفَسَاد أَحْوَاله

فَلَو كَانَ مُعَاوِيَة متغلبا لأشار لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك أَو صرح لَهُ بِهِ فَلَمَّا لم يشر لَهُ فضلا عَن أَن يُصَرح إِلَّا بِمَا يدل على حقية مَا هُوَ عَلَيْهِ علمنَا أَنه بعد نزُول الْحسن لَهُ خَليفَة حق وَإِمَام صدق

<<  <  ج: ص:  >  >>