والشدة مَا لم يسمع بِمثلِهِ ثمَّ رَحل ذَلِك الْجَبَّار وَهُوَ يتوعد الشريف بِأَنَّهُ يسْعَى فِي بَاب السُّلْطَان فِي عَزله وَقَتله وَكَانَ ذَلِك كُله سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة قَالَ ذَلِك الشريف فَخرجت من مَكَّة فِي تِلْكَ الْأَيَّام إِلَى جدة وَأَنا فِي غَايَة الضّيق والوجل على الشريف وَأَوْلَاده وَالْمُسْلِمين فَلَمَّا قربت من جدة قبيل الْفجْر نزلت أستريح سَاعَة حَتَّى يفتح سورها فَرَأَيْت فِي النّوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عَليّ كرم الله وَجهه وَفِي يَده عَصا معوجة الرَّأْس وَكَأَنَّهُ يضْرب عَن السَّيِّد الشريف أبي نمي وَيَقُول لي أخبرهُ بِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بهؤلاء وَأَن الله ينصره عَلَيْهِم
فَمَا مَضَت إِلَّا مُدَّة يسيرَة وَإِذا الْخَبَر أَتَى من بَاب السُّلْطَان نَصره الله وأيده بغاية الإجلال والتعظيم للسَّيِّد الشريف فنصره الله على ذَلِك الْمُفْسد وَمن أغراه على ذَلِك وَعَاد أَمر الْمُسلمين إِلَى مَا عهدوه من الْأَمْن الَّذِي لم يعهدوه فِي غير ولَايَته
وَأَخْبرنِي بعض النَّاس أَنه رأى يَوْم النَّحْر فِي تِلْكَ الشدَّة السَّيِّد بَرَكَات وَالِد أبي نمى وَكَانَ السَّيِّد بَرَكَات يترجم بِالْولَايَةِ رَاكِبًا فرسا عَظِيمَة وَمَعَهُ السَّيِّد الْجَلِيل عبد الْقَادِر الجيلاني على فرس أُخْرَى فَقَالَ يَا مَوْلَانَا السَّيِّد بَرَكَات إِلَى أَيْن أَنْت ذَاهِب فِي هَذِه الهمة الْعَظِيمَة فَقَالَ إِلَى نصْرَة السَّيِّد أبي نمي
وَكَانَت تِلْكَ الرُّؤْيَة مُوَافقَة لهجوم ذَلِك الْفَاجِر فخذله الله وخيبه
وَرَأى النَّاس فِي هَذِه الْوَقْعَة العجيبة الغريبة من المنامات الشاهدة بسلامة السَّيِّد أبي نمي وَأَوْلَاده مَا لَا يُحْصى فَللَّه الْحَمد على ذَلِك