النَّوْع الرَّابِع الاغترار بِمَا يحفظ من كَلَام الْقصاص والوعاظ والمذكرين وَلَا يفهم مَعَانِيه وَلَا يعرف صَحِيحه من فاسده فَتَارَة يحدث بِهِ الْعَامَّة وَتارَة يخص بِهِ أَصْحَابه وَهُوَ مغتبط بِهِ يظنّ أَنه سَبَب نجاته ويقتصر فِي ذَلِك فِي طَاعَة ربه وينتفي الاغترار بذلك بِأَن يعرض أَعماله على أَقْوَاله فَإِذا وجد نَفسه واصفة للزهد وَهُوَ من الراغبين وللخوف وَهُوَ من الْآمنينَ وللإخلاص وَهُوَ من المرائين وللعفاف وَهُوَ من الْفَاسِقين وللاجتهاد وَهُوَ من الْمُقَصِّرِينَ وللإقبال على الله وَهُوَ من المعرضين علم حِينَئِذٍ أَنه من المغترين
النَّوْع الْخَامِس الاغترار بِعلم الْكَلَام والجدل وَالرَّدّ على أهل الْأَدْيَان وَإِبْطَال مذاهبهم وَالرَّدّ على أهل الْبدع وَإِبْطَال بدعهم ودحض حججهم يعْتَقد أحدهم أَنه لَا يعرف الله تَعَالَى سواهُ وَأَنه لَا يَصح الْعَمَل إِلَّا بِأَحْكَام مَا عرفه وهم مَعَ ذَلِك حُفَاة عصاة يظنون علمهمْ ينجيهم من سخط رَبهم فَمنهمْ من يضيع الصَّلَوَات وَيتبع الشَّهَوَات وَلَا يقدرُونَ لأحد قدرا وَلَا يُقِيمُونَ لَهُ وزنا وتنتفي غرَّة هَؤُلَاءِ بِأَن يعلمُوا بَان الْكتاب وَالسّنة مشتملان على الْمُحكم والمتشابه وَأَن النّظر بِالْعقلِ قد يُخطئ ويصيب وَلَا يغره جزمه بمذهبه فَإِن خَصمه كَذَلِك جازم بمذهبه مضلل غَيره {وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء أَلا إِنَّهُم هم الْكَاذِبُونَ}