٣٢ - فصل فِي حكم التَّحَرُّز من الشَّيْطَان والحذر مِنْهُ
اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك
فَقَالَت طَائِفَة يَنْبَغِي أَن يشْتَغل العَبْد بالعبادات والطاعات وَلَا يلْتَفت إِلَى الشَّيْطَان وَلَا يشْتَغل بالتحذر مِنْهُ بل يَجْعَل بدل التحذر مِنْهُ طَاعَة الله عز وَجل
وَقَالَت طَائِفَة التحذر من الشَّيْطَان وَأخذ الحذر مِنْهُ منَاف للتوكل على الله تَعَالَى والاعتماد عَلَيْهِ إِذْ لَا قدرَة للشَّيْطَان على إضلال وَلَا إغواء إِلَّا بِمَشِيئَة الرَّحْمَن وَإِرَادَة الديَّان
وَهَاتَانِ الفرقتان غالطتان مخالفتان لنصوص الْقُرْآن واتفاق أهل الْإِسْلَام على وجوب التَّحَرُّز من الْكفَّار وإعداد مَا استطعنا لَهُم من قُوَّة وكراع وَسلَاح وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا خُذُوا حذركُمْ} وَكَيف يكون امْتِثَال أَمر الله سُبْحَانَهُ شغلا عَن الله متوكلا على غَيره وَقد دخل سيد المتوكلين مَكَّة وعَلى رَأسه المغفر وَظَاهر يَوْم أحد بَين درعين