قَالَ أَبُو حَامِد الغزالى رَحمَه الله فى الاحياء إِذا حق دُخُول النَّار على طوائف من الْمُؤمنِينَ فان الله تَعَالَى بفضله يقبل فيهم شَفَاعَة الْأَنْبِيَاء وَالصديقين بل شَفَاعَة الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وكل من لَهُ عِنْد الله تَعَالَى جاه وَحسن مُعَاملَة فان لَهُ شَفَاعَة فى أَهله وقرابته وأصدقائه ومعارفه فَكُن حَرِيصًا على أَن تكتسب لنَفسك عِنْدهم رُتْبَة للشفاعة وَذَلِكَ بِأَن لَا تستصغر مَعْصِيّة أصلا فان الله تَعَالَى خبأ غَضَبه فى مَعَاصيه فَلَعَلَّ مقت الله فِيهِ
وشواهد الشَّفَاعَة فى الْقُرْآن وَالْأَخْبَار كَثِيرَة انْتهى
ثمَّ ذكر آيَات وأخبار مِنْهَا حَدِيث اخْتِلَاف النَّاس إِلَى آدم ونوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ثمَّ إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَهَذِهِ شَفَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والأحاد أمته من الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ شَفَاعَة أَيْضا
قلت وَلَكِن هَذِه الشَّفَاعَة تكون باذن من الله سُبْحَانَهُ كَمَا نطق بِهِ الْكتاب الْعَزِيز فى مَوَاضِع وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول شَافِع وَأول مُشَفع يَوْم الْقِيَامَة اللَّهُمَّ ارزقنا شَفَاعَته يَوْم الْقِيَامَة قَالَ تَعَالَى {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} وَقَالَ تَعَالَى {مَا من شَفِيع إِلَّا من بعد إِذْنه} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى وهم من خَشيته مشفقون} وَقَالَ تَعَالَى وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة إِلَّا لمن أذن لَهُ
وَقَالَ فى الْمَوَاهِب اللدنية وَأما مَا يغتر بِهِ الْجُهَّال من أَنه لَا يرضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يدْخل اُحْدُ من أمته النَّار فَهُوَ غرور الشَّيْطَان لَهُم ولعبه بهم فانه يرضى بِمَا يرضى بِهِ ربه تبَارك وَتَعَالَى وَهُوَ سُبْحَانَهُ يدْخل النَّار من يَسْتَحِقهَا من الْكفَّار والعصاة ثمَّ يحد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدا يشفع فيهم وَرَسُول الله أعرف بِهِ وبحقه من أَن يَقُول لَا أرْضى أَن يدْخل أحدا من أمتى النَّار ويدعه فِيهَا بل ربه تبَارك وَتَعَالَى يَأْذَن لَهُ فى الشَّفَاعَة فِيمَن شَاءَ الله أَن يشفع فِيهِ وَلَا يشفع فى غَيره من أذن لَهُ ويرضيه