وَمن أَسْمَائِهِ الْحسنى الرَّحْمَن الرَّحِيم وهما مشتقتان من الرَّحْمَة على طَرِيق الْمُبَالغَة والرحمن أَشد مُبَالغَة من الرَّحِيم وفى كَلَام ابْن جرير مَا يفهم حِكَايَة الِاتِّفَاق على هَذَا وَلذَلِك قَالُوا رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَرَحِيم الدُّنْيَا وَقد تقررأن زِيَادَة الْبناء تدل على زِيَادَة الْمَعْنى
قَالَ القرطبى وصف نَفسه الْكَرِيمَة بهما لِأَنَّهُ لما كَانَ باتصاف رب الْعَالمين ترهيب قربه بالرحمن الرَّحِيم لما تضمن من التَّرْغِيب ليجمع فى صِفَاته بَين الرهبة مِنْهُ وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ فَيكون أعون على طَاعَته وَأَمْنَع وَقيل فَائِدَة تكريره هُنَا بعد الذّكر فى الْبَسْمَلَة أَو الْعِنَايَة بِالرَّحْمَةِ أَكثر من غَيرهَا من الْأُمُور وَإِن الْحَاجة إِلَيْهَا أَكثر فنبه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتكرير ذكر الرَّحْمَة على كثرتها وَأَنه هُوَ الْمفضل لَهَا على خلقه ذكره الشوكانى رح فى تَفْسِيره فتح الْقَدِير
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات قَالَ الحليمى فى معنى الرَّحْمَن أَنه المزيج للعلل وفى معنى الرَّحِيم أَنه المشيب على الْعَمَل فَلَا يضيع لعامل عملا وَلَا يهدر لساع سعيا وينيله بفضله رَحمته من الثَّوَاب أَضْعَاف عمله
وَقَالَ الخطابى ذهب بَعضهم إِلَى أَن الرَّحْمَن غير مُشْتَقّ من الرَّحْمَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ مشتقا مِنْهَا لاتصل بِذكر المرحوم وَلَا تنكره الْعَرَب حِين سَمِعُوهُ وَزعم بَعضهم أَنه اسْم عبرانى وَذهب الْجُمْهُور من النَّاس إِلَى أَنه مُشْتَقّ من الرَّحْمَة ينبىء عَن الْمُبَالغَة وَمَعْنَاهُ ذُو الرَّحْمَة لَا نَظِير لَهُ فِيهَا وَلذَلِك لَا يثنى