يتَمَكَّن من إِقَامَة دينه فى بلد كَمَا يجب بِأَيّ سَبَب كَانَ وَعلم أَنه يتَمَكَّن من إِقَامَته فى غَيره حقت عَلَيْهِ الْهِجْرَة وفى الْبَاب أَحَادِيث ذَكرنَاهَا فى خَاتِمَة كتاب الْعبْرَة بِمَا جَاءَ فى الْغَزْو وَالشَّهَادَة وَالْهجْرَة فَرَاجعه
وَقَالَ تَعَالَى {إِن الله جَامع الْمُنَافِقين والكافرين فِي جَهَنَّم جَمِيعًا} أى كَمَا اجْتَمعُوا فى الدُّنْيَا على الْكفْر والاستهزاء وَقَالَ تَعَالَى {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَلنْ تَجِد لَهُم نَصِيرًا} أى فى الطَّبَق الذى فى قَعْر جَهَنَّم والدرك الطَّبَق وَالنَّار دركات سبع بَعْضهَا فَوق بعض وَسميت طبقاتها دركات لِأَنَّهَا متداركة متتابعة
فالمنافق فى الدَّرك الْأَسْفَل مِنْهَا وهى الهاوية لغلظ كفره وَكَثْرَة غوائله وَأَعْلَى الدركات جَهَنَّم ثمَّ لظى ثمَّ الحطمة ثمَّ السعير ثمَّ سقر ثمَّ الْجَحِيم ثمَّ الهاوية وسيأتى تَفْصِيل لذَلِك وَقد يُسمى جَمِيعهَا باسم الطَّبَقَة الْعليا أعاذنا الله مِنْهَا وَقيل الدَّرك بَيت مقفل عَلَيْهِم تتوقد فِيهِ النَّار من فَوْقهم وَمن تَحْتهم
وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنَافِق أَشد عذَابا من الْكَافِر لِأَنَّهُ أَمن السَّيْف فى الدُّنْيَا فَاسْتحقَّ الدَّرك الْأَسْفَل فى الْآخِرَة تعديلا وَلِأَنَّهُ مثله فى الْكفْر وَضم إِلَى كفره الِاسْتِهْزَاء بِالْإِسْلَامِ وَأَهله قَالَ ابْن مَسْعُود الدَّرك الْأَسْفَل توابيت من حَدِيد مقفلة عَلَيْهِم وفى لفظ مُبْهمَة عَلَيْهِم أى مقلقة لَا يهتدى لمَكَان فتحهَا وَعَن أَبى هُرَيْرَة نَحوه