للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على مايشبعه بل يعبث بهَا فَلَا يبْقى وَلَا يذر وَمن ذَلِك أَنه رُبمَا تعرض للْإنْسَان وذئبان فيتساندان ويقبلان عَلَيْهِ إقبالا وَاحِدًا فَإِذا أدْمى الْإِنْسَان أَحدهمَا وثب الآخر على الذِّئْب المدمى ومزقه وَرُبمَا تكون الذئبة مَعَ ذئبها فيدمى الذِّئْب فَإِذا رَأَتْهُ قد دمى شدت عَلَيْهِ فأكلته قَالَ رؤبة

(وَلَا تكونى يَا ابْنة الأشم ... حمقاء أدمت ذئبها المدمى)

يَقُول قد أثر الوهن فى أثرا فَلَا يحملنك مَا تَرين من أَثَره فى على أَن تأكلينى مَعَه كَمَا أكلنى

وَيُقَال إِنَّه لَيْسَ فى خلق الله تَعَالَى الْأُم من الذِّئْب إِذْ يحدث لَهُ عِنْد رُؤْيَة الدَّم على مجانسه الطمع فِيهِ فَيحدث لَهُ ذَلِك الطمع قُوَّة يعدو بهَا على الآخر وَمن أَمْثَال الْعَرَب هُوَ أعق من ذئبة قَالَ الفرزدق

(وَكنت كذئب السوء لما رأى دَمًا ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا أحَال على الدَّم)

وَقَالَ طرفَة

(فَتى لَيْسَ بِابْن الْعم كالذئب إِن رأى ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا دَمًا فَهُوَ آكله)

وَلما سردت الْعَرَب أَخْلَاق مَا عاينوا من السبَاع وَغَيرهَا وَعرفُوا مَا عابوا من عَادَتهَا وصفوا الشئ الْوَاحِد مِنْهَا بضروب من الْأَخْلَاق الْمُخْتَلفَة فَقَالُوا فى تعداد أَخْلَاق الذِّئْب ختل الذِّئْب خِيَانَة بالذئب خبث الذِّئْب عَدو الذِّئْب جوع الذِّئْب صَيْحَة الذِّئْب وقاحة الذِّئْب حِدة الذِّئْب وَبِكُل ذَلِك نطقت الْأَشْعَار

٦١ - (خفَّة رَأس الذِّئْب) من أَمْثَال الْعَرَب عَن أَبى عَمْرو أخف رَأْسا من الذِّئْب وَمَعْنَاهُ خفَّة النّوم لِأَنَّهُ لَا ينَام كل نَومه لشدَّة حذره ويبالغ من شدَّة احترازه واحتراسه

<<  <   >  >>