وَلَئِن سلمنَا لُزُومه فلنا جَوَاب آخر وَهُوَ أَن نقُول الْعَائِد الْمُقدر الْحَذف مَوْجُود لَا مَعْدُوم فَلَا يلْزم الْمَحْذُور وَلَا يَصح أَن يُبدل الْمصدر الْمَذْكُور من مَا الموصولة المعمولة لَقلت لِأَن الْعِبَادَة مصدر مُفْرد لَا يعْمل فِيهَا فعل القَوْل لِأَن القَوْل وَمَا تصرف مِنْهُ لَا يعْمل إِلَّا فِي جملَة أَو مُفْرد يُؤَدِّي معنى الْجُمْلَة كقلت قصيدة وَالْعِبَادَة لَيست كَذَلِك
نعم يجوز أَن تبدل الْعِبَادَة من مَا إِن أول قلت بأمرت لِأَن أمرت يعْمل فِي الْمُفْرد الْخَالِي من معنى الْجُمْلَة نَحْو أَمرتك الْخَيْر وَالْأَكْثَر تعديته إِلَى الْمَأْمُور بِهِ بِالْبَاء
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ مَا حَاصله وَلَا يمْتَنع فِي أَن من قَوْله تَعَالَى {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل أَن اتخذي} أَن تكون مقسرة بِمَنْزِلَة أَي مثلهَا فِي {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك} فَيكون التَّقْدِير أَي اتخذي فسر الْوَحْي إِلَى النَّحْل بِأَنَّهُ الْأَمر بِأَن تتَّخذ من الْجبَال بُيُوتًا انْتهى
خلافًا لمن منع ذَلِك وَهُوَ الإِمَام الرَّازِيّ فَإِنَّهُ قَالَ متعقبا لكَلَام الزَّمَخْشَرِيّ إِن الْوَحْي هُنَا إلهام بِاتِّفَاق وَلَيْسَ فِي الإلهام معنى القَوْل وَإِنَّمَا هِيَ مَصْدَرِيَّة أَي باتخاذ الْجبَال بُيُوتًا وَأَشَارَ المُصَنّف إِلَى دَفعه نصْرَة للزمخشري بقوله لِأَن الإلهام فِي معنى القَوْل لِأَن الْمَقْصُود من القَوْل الْإِعْلَام والإلهام فعل من الله يتَضَمَّن الْإِعْلَام بِحَيْثُ يكون الملهم عَالما بِمَا ألهم بِهِ والهام الله النَّحْل من هَذَا الْقَبِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute