وَقبل أَن نستعرض مَنْهَج صَاحب الراموز فِي الْأَلْفَاظ المقلوبة يجدر بِنَا أَن نشِير إِلَى آراء اللغويين فِي إِثْبَات هَذِه الظَّاهِرَة اللُّغَوِيَّة وَهَذِه الآراء تَدور حول محور وَاحِد ملخصه هُوَ هَل لظاهرة الْقلب المكاني علاقَة باخْتلَاف اللهجات بِمَعْنى هَل كَانَ الْعَرَبِيّ يتَكَلَّم باللغة على أَكثر من صُورَة أم أَن كل صُورَة من هَذِه الصُّور اخْتصّت بهَا قَبيلَة من الْقَبَائِل
أما عُلَمَاء اللُّغَة فيرون أَن تَقْدِيم بعض حُرُوف الْكَلِمَة على بعض من قبيل الْقلب وَلَا علاقَة لَهُ باخْتلَاف اللهجات بِمَعْنى أَنه يُمكن أَن تنطق قَبيلَة وَاحِدَة أَو الْعَرَب جَمِيعًا الأَصْل والمقلوب مَعًا يَقُول ابْن دُرَيْد بَاب الْحُرُوف الَّتِي قلبت وَزعم قوم من النَّحْوِيين أَنَّهَا لُغَات ثمَّ جعل يسْرد الْأَمْثِلَة الْكَثِيرَة فاحتسب أَن جبذ وجبذب وَمَا أطيبه وأيطبه وصاقعة وصاعقة واضمحل وامضحل ولبكت الشَّيْء وبكلته وسحاب مكفهر ومكرهف كل هَذَا من قبيل الْقلب وَلَيْسَ من اخْتِلَاف اللُّغَات
أما النحويون فيرون أَن تَقْدِيم بعض حُرُوف الْكَلِمَة على بعض يجب أَن لَا يبت فِيهِ إِلَّا بِالنّظرِ إِلَى شَيْء وَهُوَ أَنه إِذا أمكن جعل إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ أصلا وَالْأُخْرَى فرعا بِأَن كَانَت إِحْدَاهمَا أَكثر تَصرفا من الْأُخْرَى وَأكْثر اسْتِعْمَالا فَهَذَا يعْتَبر من قبيل الْقلب المكاني وَإِذا لم يكن ذَلِك كَانَا جَمِيعًا أصلين لَيْسَ أَحدهمَا مقلوبا من الآخر