للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شئت قلت في معنى "الإله" هو المستغني عن كل ما سواه، والمفتقر إليه كل ما عداه، وعلى هذا يكون معنى "لا إله إلا الله" لا مستغني عن كل ما سواه ومفتقر إليه كل ما عداه إلا الله تعالى.

وهو أظهر من المعنى الأول وأقرب منه، وهو أصل له، لأنه لا يستحق أن يعبد أي يذل له كل شيء إلا من كان مستغنياً عن كل ما سواه مفتقراً إليه كل ما عداه، فظهر أن العبارة الثانية أحسن من الأولى.١

بهذا فسر السنوسي كلمة "لا إله إلا الله" وهو وإن كان أحسن في القول الأول بأن "لا إله إلا الله" لا مستحق للعبودية إلا الله، فإنه أخطأ في تفسير معنى الله بأنه خالق العالم.

كما أخطأ في القول الذي رجحه وحسنه وهو أن "لا إله إلا الله" تعني لا مستغني في الوجود عما سواه إلا الله، وهذا معنى الربوبية الذي كان يقر به المشركون، فلو كان هذا معنى لا إله إلا الله لما أنكرها المشركون، ولا رضوا بأن تسفك دماؤهم وتسبى نساؤهم في الوقت الذي كانوا يقرون بما طلب منهم ودعوا إليه.

ولاشك أن هذا من الخلل في فهم نصوص الشرع وسوء الأصول التي بنوا عليها أقوالهم في العقيدة، فأعرضوا عن المعنى الشرعي في تفسير الإله، وتفسير لا إله إلا الله حتى يستقيم لهم الدعاوى التي ادعوها وجادلوا عنها من إثبات وجود الله تعالى وإثبات ربوبيته، بدعوى أنهم شرحوا بما قالوا أصل الدين ورأس الإسلام وهو شهادة التوحيد.


١ شرح أم البراهين ص٧٤. وانظر منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل ١/٥٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>