للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن المقصود بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبهذا قال ابن عباس رضي الله عنه١.

وليس في هذه الأقوال تعارض ولا تنافي لأن كل هؤلاء من الصادقين الذين أمر المسلم بأن يكون معهم ويلزم طرائقهم في الصدق والاستقامة.

- أما استدلالهم من السنة فالحديث الأول وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فالرد عليهم هو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الموالاة، والموالاة تأتي على معان منها المحبة والنصرة وهذا هو المقصود هنا فيكون معناه من كنت محبوبه وواجب عليه نصرتي فعلي أيضاً يجب أن يكون محبوبه وواجب عليه نصرته، فهذا غاية ما يدل عليه الحديث، وهو من جنس ما ذكر الله عز وجل عن المؤمنين في قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة ٧١] , أي يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الحديث الصحيح "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" ٢. فلا يكون الحديث دليلاً للرافضة على النص على ولاية علي رضي الله عنه.

وذكر البيهقي في كتابه "الاعتقاد" أن الحديث له سبب وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث علياً إلى اليمن كثرت الشكاة منه وأظهروا بغضه، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ويحثهم على محبته وموالاته وترك معاداته٣.

والرافضة هنا يزيدون من عند أنفسهم أشياء حتى يوهموا الناس المعنى الذي يقصدون، فيذكر "عبد الله شبر" الرافضي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه في حجة الوداع {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة٦٧] الآية, قام في غدير "خم" ٤ ثم بعد أن ذكر ما ذكر في علي رضي الله عنه نزل عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ


١ الدر المنثور للسيوطي ٤/٣١٦.
٢ انظر: تفسير ابن كثير ٢/٣٣٦.
٣ الاعتقاد للبيهقي ص ١٨١. البداية والنهاية لابن كثير ٧/٣١٧.
٤ غدير خم: موضع بين مكة والمدينة تصب فيه عين، وقد مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من حجة الوداع. انظر: النهاية لابن الأثير ٢/٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>