للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءتها، كما يلين الماء الطين اليابس فتزول شدته، ويمكن الانتفاع به، وهذه قلوب المؤمنين الذين تقسو قلوبهم أحياناً بالغفلة والمعاصي.

والحال الثالثة: هي حال القلب المريض.

قال ابن القيم رحمه الله في وصف هذا القلب: "قلب له حياة وبه علة، فله مادتان، تمده هذه مرة، وهذه أخرى، وهو لما غلب عليه منهما، ففيه محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له، والتوكل عليه ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب، وحب العلو والفساد في الأرض بالرياسة، ما هو مادة هلاكه وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة، وهو إنما يجيب أقربهما منه باباً، وأدانهما إليه جواراً. فالقلب الأول، حي مخبت لين واع، والثاني يابس ميت، والثالث مريض، فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى العطب أدنى.

وقد جمع الله سبحانه بين هذه القلوب الثلاثة في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ وَلِيَعْلَمَ الَّذِين

<<  <  ج: ص:  >  >>