للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإملاء زاد ونقص". ثم قال: "وآخر ما صح من النسخ نسخة أبي الفتح عبد الله بن أحمد النحوي، لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه". وهذه سابقة قديمة في جواز تلفيق النسخ.

ومن أمثلة اختلاف النسخ الأولى ما وراه الخطيب البغدادي١ رواية عن محمد بن الجهم قال: كان الفراء يخرج إلينا وقد لبس ثيابه في المسجد الذي في خندق عبوية، وعلى رأسه قلنسوة كبيرة، فيجلس فيقرأ أبو طلحة الناقظ عشرا من القرآن، ثم يقول له: أمسك. فيملي من حفظه المجلس، ثم يجيء سلمة بعد أن ننصرف نحن، فيأخذ كتاب بعضنا فيقرأ عليه، ويزيد وينقص، فمن هنا وقع الاختلاف بين النسختين".

هذا ومن المتواتر في ترجمة الفراء هذا أنه أملى كتبه كلها حفظا، لم يأخذ بيده نسخة إلا في كتابين: كتاب ملازم، وكتاب يافع ويفعة -قال أبو بكر ابن الأنباري: "ومقدار الكتابين خمسون ورقة، ومقدار كتب الفراء ثلاثة آلاف ورقة".

ولعل أظهر مثال لتكرار التأليف ما رواه ابن النديم٢ في الكلام على كتاب الياقوت لأبي عمر الزاهد المتوفي سنة ٣٤٥ ذكر أن هذا الكتاب ظهر في ست صور، قضى مؤلفها في تأليفها ما بين سنتي ٣٢٦، ٣٣١.

ونص ابن النديم في الفهرست٣ على أن نوادر الشيباني ثلاث نسخ: كبرى، وصغرى، ووسطى. وكذا نوادر الكسائي ثلاث نسخ.

وكذلك كتاب "نهج البلاغة" الذي ألفه الشريف الرضي، ذكر ابن أبي الحديد٤ في شرحه أنه "ختم كتاب نهج البلاغة بهذا الفصل، وكتبت


١ تاريخ بغداد ١٤: ١٥٢-١٥٣.
٢ الفهرست ١١٣.
٣ الفهرست ٨٢.
٤ شرح نهج البلاغة ٤: ٣٨٧.

<<  <   >  >>