للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استحب للمملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للأعلى إسنادا أو الأولى من وجه آخر ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق وينتقي ما يمليه١ ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه.

وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشئ من الحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها وذلك حسن٢.

وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال: الخطيب كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك.

وإذا نجز٣ الإملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه.

هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مشتبهاتها٤. انتهى.

قوله فليقدم تصحيح النية وإخلاصها أي للحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات".

وقال سفيان الثوري قلت لحبيب بن أبي ثابت حدثنا قال: حتى تجئ النية وقيل لأبي الأحوص سلام بن سليم حدثنا فقال ليست لي نية فقالوا له إنك تؤجر فقال٥:

تمنوني الخير الكثير وليتني ... نجوت كفافا لا علي ولا ليا


١ من ش وع، وفي خط: "يمكنه".
٢ ورأيت ابن الصلاح رحمه الله بفعله في "أماليه" "الجزء الثالث – المخطوطة الزهرية"، وسبقه إلي ذلك جماعة منهم: "أبو موسي المديني" في كتابه: "الطائف المعارف" المخطوطة الظاهرية.
٣ في حاشية خط: "نجز بكسر الجيم بمعني انقضي وأ/ابالفتح كما تقول العامة فمعناه حضر وليس هذا موضعه" وهذه حاشية ابن الصلاح رحمه الله راجع: حاشية "المقدمة" وستأتي الإشارة إلي ذلك إ، شاء الله تعالي.
٤ من ش وع، وفي خط: "مستبهماتها".
٥ من "الجامع" للخطيب "١/٣١٦"، ول و "التدريب" "٢/١٢٧"، وليست في خط.

<<  <  ج: ص:  >  >>