للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ثبت الخلاف في هذا فالأولى أن يمثل له بحديث رواه الترمذي١ من حديث جابر قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان.

قال الترمذي: "حديث غريب"٢ لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال: وقد أجمع أهل العلم عن أن المرأة لا يلبي عنها غيرها هي تلبي عن نفسها.

فهذا حديث قد أجمعوا على ترك العمل به فكان ينبغي للترمذي أن يستثنيه مع الحديثين السابقين.

والجواب عن الترمذي من "وجهين"٣:

أحدهما: ما أجاب به الشيخ محب الدين الطبري في كتاب القرى أن المراد أن المرأة لا ترفع صوتها ويجزىء عن رفع صوتها رفع صوت الرجال لا أنها لا تلبي مطلقا وأن فيه استعمال المجاز بجعله عن النساء للاجتزاء "بجهر"٤ الرجال بالتلبية عن استحبابه في حق النساء وكأن الرجال قاموا عن النساء بهذه السنة وفيه تكلف.

والثاني: أن هذا الحديث قد اختلف في لفظه على "ابن نمير"٥ فرواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل الواسطي عنه هكذا.

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير بلفظ: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان "ورمينا"٦ عنهم. هكذا رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ومن طريقه رواه ابن ماجه في "سننه".

قال ابن القطان: وهذا أولى بالصواب وأشبه به.

وإذا اضطربت رواية الترمذي٧ فلا يحكم على الحديث بالنسخ عند ترك العمل به إجماعا إلا إذا علمنا صحته

وقد أشار إلى ذلك الفقيه أبو بكر الصيرفي في كتاب "الدلائل" عند الكلام


١ راجع: "التقييد".
٢ هكذا في خط، وفي ع: "حديث حسن غريب".
٣ هكذا في خط، وفي ع: "ثلاثة أوجه"
٤ من ع، وفي خط: "لجهر" باللام.
٥ ضبط خط.
٦ من خط، وفي ع: "وروينا".
٧ راجع: "التقييد".

<<  <  ج: ص:  >  >>