معنيان، أحدُهما: أن الصيام لما كان سرًّا بين العبد وبين ربه في الدنيا: أظهره اللهُ في الآخرة علانية للخلق، ليشتهر بذلك أهلُ الصيام، ويعرفُون بصيامهم بين الناس، جزاءً لإخفاء صيامهم في الدنيا.
وعن أنس رضي الله عنه مرفوعًا:«يخرجُ الصائمون من قبورهم يُعرفون بريح أفواههم، ريحُ أفواههم أطيبُ من ريح المسك» رواه الأصبهاني، وفي إسناده ضعف. قال مكحول: يُروَّحُ أهل الجنة برائحةٍ، فيقولون: ربنا ما وجدنا ريحًا مُنْذُ دخلنا الجنة، أطيب من هذه الرائحة، فيقالُ: هذه رائحةُ أفواه الصائمين.
وقد تفوح رائحةُ الصيام في الدنيا، فتستنشق قبل الآخرة، وهي نوعان، أحدُهما: ما يدركُ بالحواسِّ الظاهرة، كان عبد الله بنُ غالبٍ من العباد المجتهدين في الصلاة والصيام، فلما دُفنَ كان يفوحُ من تراب قبره رائحة المسك، فرُؤي في المنام، فسُئل عن تلك الرائحة التي توجدُ من قبره؟ فقال: تلك رائحة التلاوة والظمأ.
والثاني ما تَسْتَنْشِقُهُ الأرواحُ والقلوب، فيوجبُ ذلك للصائمين المخلصين المودَّةَ والمحبةَ في قلوب المؤمنين؛
وفي حديث الحارث الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن زكريا عليه السلام، قال لبني إسرائيل: وآمُرُكم بالصيام، فإن مثل ذلك