للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما أنقاض المسجد، فإن رجى عوده حفظت وجوبا، ولو بنقل النقض إلى محل أمين إن خيف على أخذه، فإن لم يرج عوده بني به مسجد آخر بقربه، فلا يجوز بناء مدرسة بطوب المسجد، وفرشه وقناديله حكمها حكم أنقاض المسجد، وإن كان بالمسجد من يعمل براتب استحق أجره، وإن تعذر عليه القيام بوظيفته لعدم تقصيره كمدرس لم تحضر طلبته بخلاف إمام لم يحضر من يصلى معه، فلا يستحق إلا إذا صلى في البقعة، وإن كان وحده؛ لأن عليه فعل الصلاة فيه إماما، فإذا تعذر أحدهما بقي الآخر، وهذا في مسجد يمكن فيه أداء تلك الوظائف أما المسجد الذي محاه البحر مثلا، وصار داخل اللجة١، فينبغي نقل وظائفه لما ينقل إليه نقضه.

وخلاصة القول أن غلة المسجد تحفظ لرجاء عوده، فإن تعذر صرفت إلى أقرب المساجد إن احتيج إليها، وإلا صرفت لأقرب الناس إلى الواقف، فإن لم يكن له أقرباء صرفت للفقراء.

النظر على الوقف وشروط الناظر، ووظيفته:

الأول: سلطة الواقف في تعيين ناظر على الوقف: يكون للواقف الحق في اشتراط تعيين ناظر على الوقف، فلو شرط النظر لنفسه، أو لغيره واحدًا أو أكثر اتبع شرطه كبقية شروطه لما روي أن عمر رضي الله عنه ولى أمر صدقته٢، ثم جعله لحفصة من بعده ما عاشت، ثم لأولي الرأي من أهلها، وخبر البيهقي: "المسلمون عند شروطهم" ٣؛ ولأن الواقف هو المتقرب بالصدقة، فيتبع شرطه كما يتبع في مصارفها وغيرها.


١ لجة الماء بالضم معظمه "المصباح المنير ج٢ ص٦٦٥".
٢ المراد بالصدقة هنا الوقف.
٣ الأصل أن شروط الواقف مرعية ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف ويناقضه، عليه جرت أوقاف الصحابة، فقد وقف عمر وشرط أن لا جناح على من وليه أن يأكل منها بالمعروف، وأن التي تليه حفصه في حياتها، فإذا ماتت فذو الرأي من أهلها رواه أبو داود بسند صحيح "التلخيص ج٧ ص٦٩".

<<  <   >  >>