وكما يقبل شرطه، فيمن يكون له النظر فيقبل أيضا ما شرطه لنفسه من ريع الوقف بحيث لا يزيد على أجرة المثل، فإن لم يشترط لنفسه أجرا، فهو متبرع إلا أن يفرض له الحاكم أجرة المثل بعد رفعه له، فإن أخذ شيئًا من مال الوقف قبل ذلك، أو بعده بغير ما قرر له ضمنه، ولا يبرأ إلا برده للقاضي أما ما يؤخذ ضيافة، أو حلوانا فقد قال الرملي بجوازه نظرا للعادة، ومنعه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
والذي يظهر لنا أنه إن بذله دافعه عن طيب نفس بلا إكراه، وبلا خوف زوال الوقف عنه، وبلا نقص أجرة وقفه جاز، وإلا فلا وبهذا يمكن أن يجمع بين الرأيين.
وإن لم يشترط النظر لأحد، فهو للقاضي بناء على أن الملك في الموقوف لله تعالى، وأما على القول بأن الملك فيه للواقف، أو للموقوف عليه يكون النظر للواقف فيهما.
والراجح في نظرنا أن الوقف إن كان على جهة عامة، فولاية النظر للحاكم وإن كان على معين، فله أيضا، إن قلنا: الملك ينتقل إلى الله تعالى، وإن جعلناه للواقف أو الموقوف عليه، فللواقف أن يتولى النظر على الوقف.
وحيث كان الوقف للقاضي، فيكون القاضي بلد الوقف، فيتولى إجارته وحفظه ونحوهما، وقاضي بلد الموقوف عليه من حيث التصرف، وقسمة الغلة ونحوهما لتنمية مال اليتيم، وليس لأحد القاضيين فعل ما ليس له.
الثاني: شروط الناظر: يشترط في الناظر شرطان:
الأول: العدالة ولو كان هو الواقف أو كان أعمى، أو أنثى أو كان النظر على معينين رشداء؛ لأن النظر ولاية على الغير، فاعتبر فيه ذلك كما في الوصي والقيم، فإن كان الناظر معينا من قبل الحاكم، فيشترط فيه العدالة