للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرق بعضهم بين الصدقة والهدية، فقال: إن ملك محتاجا لثواب الآخرة شيئا فهو صدقة، وإن نقله إلى مكان الموهوب له إكراما له، فهدية فكل من الصدقة والهدية هبة بالمعنى اللغوي، وليس كل هبة صدقة وهدية، وتظهر فائدة الفرق بين الصدقة والهدية في الحلف، فمن حلف لا يتصدق لم يحنث بهبة، أو هدية أو حلف لا يهدي لم يحنث بصدقة، وهبة أو لا يهب حنث بهما، وقد يجتمعان كما لو اجتمع النقل والحاجة، والمراد بالنقل ما يشمل البعث به إليه مع وكيله مثلا، وقوله: فإن نقله إكراما قد يحترز به عن نحو رشوة، وإعطاء نحو شاعر خوفا من هجوه.

حكم الهبة:

الهبة مندوب إليها لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تهادوا تحابوا"، وهي للأقارب أفضل لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم مستقة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله" ١، وفي الهبة صلة الرحم.

والمستحب أن لا يفضل بعض أولاده على بعض في الهبة لما روى النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني أعطيت ابني عطية، وإن أمه قالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهل أعطيت كل ولدك مثل ذلك؟ قال: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى قال: فلا إذا" ٢.

فإن فضل بعضهم بعطية صحت العطية، لما روى في حديث النعمان أن


١ وفي رواية للبخاري: فقال الله تعالى: "من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته". "رياض الصالحين للنووي ص١٥٣".
٢ رواه الشافعي في الأم والبيهقي، وفيه قال: "فارتجعه"، وفيه: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "التلخيص ج٣ ص٧٢".

<<  <   >  >>