للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أشهد على هذا غيري"، فلو لم يصح لبين له ولم يأمره أن يشهد عليه غيره.

ولا يستنكف أن يهب القليل، ولا أن يوهب له القليل، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي كراع أن ذراع لقبلت" ١.

وقد تمسك بحديث النعمان بن بشير من أوجب التسوية بين الأولاد في العطية، وبه صرح البخاري، وهو قول طاووس والنووي وأحمد، وإسحاق وبعض المالكية قال في الفتح: والمشهور عن هؤلاء أنها باطلة، وعن الإمام أحمد يجوز التفضيل في العطية بين الأولاد إن كان له سبب كأن يحتاج الولد لزمانته، أو دينه أو نحو ذلك دون الباقين.

وذهب الجمهور إلى أن التسوية متسحبة، فإن فضل بعضهم صح وكره، وحملوا الأمر على الندب، وكذلك حملوا النهي الثابت في رواية مسلم: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء، قال: بلى قال: فلا إذن"، حملوا هذا النهي على التنزيه.

وأجابوا عن حديث النعمان بأجوبة منها أن الموهوب للنعمان كان جميع مال والده حكاه ابن عبد البر، وتعقبه بأن كثيرًا من طرق الحديث مصرحة بالبعضية، كما في حديث جابر وغيره أن الموهوب كان غلامًا، وكما في لفظ مسلم عن النعمان: "تصدق علي أبي ببعض ماله".

والجواب الثالث: أن النعمان كان كبيرا، ولم يكن قبض الموهوب، فجاز لأبيه الرجوع ذكره الطحاوي، لكن قال الحافظ: وهو خلاف ما في أكثر طرق الحديث خصوصا قوله: ارجعه، فإنه يدل على تقدم وقوع القبض، والذي


١ رواه البخاري من حديث أبي هريرة في النكاح، ورواه الترمذي من حديث أنس بلفظ: "لو أهدى إلي كراع لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت"، وصححه. "التلخيص الحبير ج٣ ص٧٠".

<<  <   >  >>