التسليم غير مستحق على الواهب، فلا يصح التسليم إلا بإذنه.
ويتفرع على ذلك أنه لو أذن الواهب في القبض، ثم رجع من الإذن أو رجع في الهبة صح رجوعه؛ لأن ذلك ليس بقبض، وإن رجع بعد القبض لم ينفع رجوعه؛ لأن الهبة قد تمت.
حكم الهبة بعد موت أحد المتعاقدين:
إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض، فإن قلنا بأنه عقد يؤول إلى اللزوم لم يبطل بموت أحد المتعاقدين، بل يقوم ورثته مقامه في القبض أو الفسخ، وإن قلنا بأنه من العقود الجائزة، فإنه يبطل بموت أحد المتعاقدين كالوكالة والشركة، وهو قول الإمام أحمد حيث قال في رواية أبي طالب، وأبي الحارث في رجل أهدى هدية، فلم تصل إليه حتى مات، فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها.
ودليل على ما روي بإسناده عن أم كلثوم بنت سلمة قالت:"لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي حلة، وأواقي مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة علي، فإن ردت فهي لك قالت: فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة" ١.
والقول بانفساخ الهبة بالموت ضعيف، ووجه ضعفه أن المدار ليس على القبول بل على الأيلولة واللزوم، وهو جار في الهدية والصدقة، وأيضا يجري الخلاف في الجنون والإغماء، ولولي المجنون قبضها قبل الإفاقة.
وفرق الحنابلة بين المكيل والموزون وغيرهما، فقالوا: لا يصح التمليك في المكيل والموزون بغير قبض أما في غيرهما، فيصح