للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: "الهبة جائزة إذا كانت معلومة قبضت أو لم تقبض".

وقال بعض الأصحاب: إنما يستغنى عن القبض إذا تحقق الإيجاب والقبول، واستقر العقد بينهما؛ ولأنه عقد تمليك فافتقر إلى الإيجاب والقبول كالنكاح.

ويتفرع على هذا القول: أنه إذا حدث نماء في الهبة قبل القبض، فهو للموهوب له، والمنصوص أن النماء لا يكون للموهوب له إلا بعد القبض.

حكم الرجوع في الهبة:

الرجوع في الهبة بعد القبض حرام إلا هبة الوالد لولده، وكذا سائر الأصول على المشهور، وهذا يشمل الهدية والصدقة على الراجح، ولا يتعين الفور بل له ذلك متى شاء.

والدليل على هذا ما رواه ابن عباس، وطاووس مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل للرجل أن يعطي العطية، فيرجع فيها إلا الولد فيما يعطي ولده، ومثل الرجل يعطي العطية، ثم يرجع فيها كمثل الكلب يرجع في قيئه" ١، هذا مبالغة في الزجر، فيدل على التحريم.

ومما لا رجوع فيه مطلقا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة، قال ابن حجر: اتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض.

وإنما جاز للوالد الرجوع في هبته لوالده لانتفاء التهمة فيه، فإن ما طبع عليه الوالد من إيثاره لولده على نفسه يقضي بأنه إنما يرجع لحاجة، أو مصلحة.


١ رواه الشافعي عن مسلم بن خالد مرسلًا، وقال: لو اتصل لقلت به ورواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث طاوس عن ابن عباس، وهو عنده من رواية عمرو بن شعيب، عن طاوس، وقد اختلف عليه في "التلخيص ج٣ ص٧٢".

<<  <   >  >>