لأعلى منه رتبة، فإن كانت لمن هو دونه لم يلزم الموهوب له أن يثيبه بعوض؛ لأن القصد من هبته الصلة والرحمة، فلم تجب المكافأة فيه بعوض كالصدقة.
وإن كانت الهبة لمن هو مثله لم يلزمه أن يثيبه أيضا؛ لأن القصد من هبته اكتساب المحبة، وتأكيد الصداقة.
وإن وهب لمن هو أعلى منه، ففيه قولان:
الأول ما قاله الشافعي في المذهب القديم: يلزمه أن يثيبه عليه بعوض؛ لأن العرف في هبة الأدنى للأعلى أن يلتمس به العوض، فيصير ذلك كالمشروط.
والثاني ما قاله الشافعي في المذهب الجديد: أنه لا يجب العوض؛ لأن الهبة تمليك بغير عوض، فلا يوجب المكافأة بعوض كهبة النظير للنظير.
فإن قلنا: لا يجب فشرط في الهبة ثوابا معلوما ففيه قولان:
أحدهما: يصح هذا الشرط ويلزم العوض؛ لأنه تمليك مال بمال فجاز كالبيع، فعلى هذا يكون كبيع بلفظ الهبة في الربا والخيار، وجميع أحكامه.
والثاني: أنه شرط باطل؛ لأنه عقد لا يقتضي العوض، فبطل شرط العوض كالرهن، فعلى هذا حكمه حكم البيع الفاسد في جميع أحكامه.
فإن شرط فيه ثوابا مجهولا، بطل قولا واحد لا؛ لأنه شرط العوض بل؛ لأنه شرط عوضا مجهولا.
وإن قلنا: إنه يجب العوض ففي مقدار هذا العوض ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يلزمه أن يعطيه إلى أن يرضى لما روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها، وقال: "أرضيت؟ قال: لا.