للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشافعي في القديم.

ويجاب بأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، ولو وقعت المواهبة كما تقرر في الأصول.

وذهب الشافعي في الجديد إلى القول بأن الهدية للثواب باطلة؛ لأنها بيع مجهول لما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة، قال: "أهدى رجل من فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ناقة من إبله، فعوضه منها بعض العوض فتسخطه، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: إن رجالا من العرب يهدي أحدهم الهدية، فأعوضه عنها بقدر ما عندي، فيظل يسخط علي".

ويحكى أن بعض أهل العلم والفضل كان يمتنع من قبول الهدية من أحد أصلا لا من صديق، ولا من قريب ولا غيرهما، وذلك لفساد النيات في هذا الزمان.

وخلاصة القول أن الهبة إذا كانت مقيدة بنفس الثواب، فلا رجوع فيها، ومتى وهب مطلقا، فلا ثواب إن وهب لدونه، وكذا لأعلى منه في الأظهر كما لو أعاره داره إلحاقا للأعيان بالمنافع؛ ولأن العادة ليس لها قوة الشرط في المعاوضات.

والثاني: يجب الثواب إذا وهب مطلقا لإطراد العادة بذلك، وكذلك لا ثواب له، وإن نواه إن وهب لنظير على المذهب؛ لأن القصد من مثله الصلة، وتأكيد الصداقة، ومثل ذلك الهدية والصدقة، وإن اختار الأذرعي دليلا؛ لأن العادة متى اقتضت الثواب وجب الثواب، أو وجب رد الهدية.

والأوجه كما بحثه الأذرعي أيضا أن التردد إذا لم يظهر حالة الإهداء قرينة حالية، أو لفظية دالة على طلب الثواب، وإلا وجب هو أو الرد لا محالة.

<<  <   >  >>