للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشرط الرابع: أن يسلم المال إلى العامل، ويستقل باليد عليه والتصرف فيه، وكل شرط ينافي ذلك لا يصح، فلو شرط المالك أن يكون المال في يده أو في يد غيره، فهذا الشرط يقتضي بطلان عقد القراض؛ لأنه قد لا يجده عند الحاجة وغير صحيح أيضا ما لو شرط عليه مراجعته في التصرف، أو شرط عليه أن يعمل معه؛ لأن انقسام اليد يقتضي انقسام التصرف، ولكن يصح كما سبق أن ذكرنا شرط إعانة مملوك المالك للعامل؛ لأن ذلك لا يمنع استقلال العامل بالمال، ومملوك المالك مال، فجعل عمله تبعا للمال، ولكي يكون هذا الشرط صحيحا، فلا بد وأن يكون المملوك معلوما برؤية أو وصف، والحكمة في اشتراط كون رأس المال نقدًا، أن المقصود من القراض رد رأس المال، واقتسام المالك والعامل الربح بينهما بالنسبة المتفق عليها، فإذا كان رأس المال عروضا تجارية أو نقدا مغشوشا، فإنه يصعب رد رأس المال بقيمته التي كان عليها أثناء التعاقد؛ لأنه يزيد وينقص حسب قانون العرض والطلب، فإذا زادت هذه الأشياء في الثمن احتاج العامل أن يصرف جميع ما اكتسبه لرد مثل رأس المال إن كان مثليا، أو قيعيا إن لم يكن له مثل، وفي ذلك إضرار بالعامل، وإذا نقص عن قيمته فإنه يصرف جزءا يسيرا من الربح في رد مثله، أو قيمته ثم يشارك رب المال في الباقي، وفي كلتا الحالتين لا تتحقق العدالة بين المالك والعامل، وإنما تتحققق إذا كان رأس المال نقدا خالصا من الذهب والفضة؛ لأن قيمتهما ثابتة لا تتغير غالبا.

الركن الرابع: العمل ويشترط فيه أن يكون في تجارة، فليس كل عمل يصلح للقراض، وإنما العمل الذي يحقق الربح بالتجارة، فإن كان الربح باحتراف صنعه كطحن، وعجن وخبز أو غزل، وما شاكل ذلك فلا يصح؛ لأن هذه الأعمال لا يسمى فاعلها تاجرا بل محترفا، فالقراض عليها فاسد؛ لأنها

<<  <   >  >>