وإنَّ المخاضَ الأدمَ قد حال دونها ... حدادٌ من الخرصانِ لانتْ وترتِ
ترت: غلظتْ.
فلنْ تعلفُونا الضيمَ ما دام جذمُنا ... ولمّا تروا شمس النهار استسرَّتِ
تعلفونا الضيمَ: تطعمونا. وهذا مثلٌ. وأنشدَ:
إذا كنتَ في قومٍ عداً لستَ منهم ... فكل ما علفتَ من خبيثٍ وطيبِ
وقوله: ولما تروا شمسَ النهارِ استسرت؛ أي ولما تكسفِ الشمس ويكن اليوم مظلماً.
وقال لبني عامر بن صعصعة:
أتعرفُ منزلاً من آلِ هندٍ ... عفا بعد المؤبلِ والشوِيِّ
المؤبلة: الإبل. والشوِي: الشاءُ.
تقادم عهدهُ وجرى عليه ... سفيٌّ للرياحِ على سفيِّ
السفيُّ، والسافي: التراب تسفيه الريحُ وتطيره.
تراها بعد دعسِ الحيِّ فيها ... كحاشيةِ الرداءِ الأتحمي
الدعس: الوطءُ. والأتحميّ: ضربٌ من برود كانت تعملُ في أول الدهر.
أكلَّ الناسِ تكتمُ حبَّ هندٍ ... وما تخفِي بذلكَ من خفيِّ
سقيةُ بينَ أنهارٍ وزرعٍ ... سقاها بردُ رائحةِ العشيِّ
يقول: إنها في خصب. ورائحة العشيّ: السحابة التي تروح فتمطر.
منعمةٌ تصونُ إليكَ منها ... كصونكَ من رداءٍ شرعبيّ
يظلُّ ضجيعها أرجاً عليهِ ... مفارقُها من المسكِ الذكيِّ
جمع المفرق بما حوله. وإنما هو مفرقٌ واحد. والأرج: توهج الطيب. وكلُّ ما توهجَ فقد تأرج. والذكي: الحاد الريح. ومنه ذكاء القلب.
يعاشرها السعيد، ولا تراها ... يعاشرُ مثلها جدُّ الشقيِّ
فما لكَ غيرُ تنظارٍ إليها ... كما نظر الفقيرُ إلى الغنيِّ
فأبلغْ عامراً عني رسولاً ... رسالةَ ناصحٍ بهم حفيِّ
عامر بن صعصعة. والحفي: اللطيف.
فإياكمْ وحيةَ بطنِ وادِ ... هموزَ الناب ليس لكمْ بسيِّ
ليس لكم بسيّ: أي بندّ؛ وهو الكفءُ والمثل. يقال: هما سيان في هذا الأمر، وهم أسواءٌ فيه.