بأنَّ التي سامكُمْ قومكمْ ... هم جعلوها عليكم دليلاَ
لا تهلكوا وبكمْ منةٌ ... كفى بالحوادثِ للمرءِ غولاَ
هوانُ الحياةِ وخزيُ المما ... تِ كلٌّ أراهُ طعاماً وبيلاَ
فإنْ لم يكنْ غيرُ إحدهُما ... فسيروا إلى الموتِ سيراً جميلاَ
وحشوا الحروبَ إذا أوقدتْ ... رماحاً طوالاً وخيلاً فحولاَ
ومن نسجِ داودَ ماذيةٌ ... ترى للقواضبِ فيها صليلاَ
[قصيدة النمر بن تولب]
وقال النمر بن تولب العكلي:
صحا القلبُ عن ذكرهِ تكتمَا ... وكان رهيناً بها مغرمَا
في أخرى: سلا عنْ تذكرهِ تكتما.
السلوُّ: ترككَ الشيءَ؛ وربما قالوا في ترك التناسي: سلا يسلو.
وأقصرَ عنها وآياتها ... يذكرنهُ داءهُ الأقدما
أي حبه القديم. أقصر: كف وأمسك. وآياتها: معالمها.
فأوصى الفتى بابتناءِ العلاءِ ... وألا يخونَ ولا يأثمَا
ويلبَسُ للدهرِ أجلالهُ ... فلنْ يبنيَ الناسُ ما هدَّمَا
ويلبس للدهر أجلاله: أي ويتهيأُ لكل حالةٍ على حسب ما يرى مما ينبغي مثل قول العرب:
البسْ لكلِّ حالةٍ لبوسها ... نعيمها يوماً ويوماً بوسها
وقوله: فلن يبني الناسُ ما هدما: أي ما هدم من مجده. وتهديمه إياه: تضييعه.
وإن أنتَ لاقيتَ في نجدةٍ ... فلا تتهيبكَ أن تقدما
النجدة: الشدة والأمر الشاق؛ أراد فلا تتهيبها فقلب. ويقولون: تهيبني السفر؛ أي هبته. ومنه قول ابن مقبل:
ولا تهيبني الموماةُ أركبها ... إذا تجاوبتِ الأصداءُ بالسحرِ
أي لا أتهيبُ الموماةَ. والأصداءُ: جمعُ صدًى، وهو ذكرُ البوم.
فإنَّ المنيةَ منْ يخشها ... فسوفَ تصادفهُ أينما
يريد: أينما ذهبَ. فاقتصر على معرفةِ ذلك، وتركَ اللفظَ به.