وكان علقمة ممتلئاً غيظاً عليه لهذا الشعر. وكان الآخرون ممتلئين حسداً وبغياً. فأما حماد
الراوية فزعم أن الملح عليه بغيض.
فمكث الحطيئة بتلك الحال أشهراً، والزبرقان بالمدينة.
ثم إن امرأة الزبر قان استأنفت العشب فتحملتْ؛ وقالت للحطيئة: أرد عليك الإبل، فتركته يومين وليلتين. فاغتنم ذلك بنو شماس - وهم بنو أنفِ الناقة - فأتوه، فقالوا له: احتمل أيها الرجل. فقال: أما الآن فنعم.
فأتاه بغيض بن عامر بن شماس - وكان شريفاً - فاحتمله حتى أتى به أهله، فأكثروا له من التمر واللبن، وأعطوه لقاحاً وكسوة - قال: اللقاح، واللقحُ واحدتها لقحةٌ ولقحةٌ ولقوح - وهي الحلوب - وأبطأ عليهم أن يهجو الزبرقان.
والزبرقان من بني بهدلة، وكان في بني بهدلة قلةٌ، ولم يكونوا إلى هؤلاء ولا قريباً، غير أن الزبرقان قد كان بنفسه شريفاً منيعاً، عضب اللسان، فحضضوا الحطيئة عليه. فقال: لست بهاجيه ولا ذنبَ له فيما صنع امرأته، ولكني ممتدحكم، وذاكر ما أنتم له أهل.
وأما حماد الراوية فقال: قالوا له أبطأت أن تسمع شباننا بعض ما يتغنون به من شتم هذا الكلب. فقال: قد أبيتُ عليكم أهون من شتمه، ولا ذنبَ له فيما أتتْ به امرأته؛ ولكن إن شئتم مدحتكم؛ فأنتم أهل ذاك.