بالوسط وآمننا فيها من الخطاء والغلط لا يخشى على اتفاقها عوارض الالتباس فقد جعلها اللَّه خير أمة أخرجت للناس فليس لذي حكم ونظر وأخذ بتأويل آية وخبر أن يخالف مَا أطبقت عليه الأمة وسبقت إليه الأئمة بل عليه التسليم والاقتفاء والتفويض. والاقتداء {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} .
أمره إذا عن مَا لم يشتمل عليه الكتاب تعيينا ولا كشف عَنْهُ الأثر تبيينا ولا سبق به الإجماع يقينا أن يعمل فيه اجتهاده طويلا ويقبض له ارتياده بكرة وأصيلا ويستشهد مودع النص وفحواه ويستنجد موجب الأثر ومقتضاه وتقيس بالأشباه والنظائر ويستنبط الأمارات والدلائل فذلك الجدد الذي كان السلف الصالح يسلكونه وقد قَالَ اللَّه تعالى:{لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ} .
أمره إذا عرض في الأحكام مَا يعضل استخراجه ويستبهم رتاجه أن يستشير أماثل العلماء ويستمد ويأخذ من آراء الفقهاء ولا يستبد حتى إذا أوضحت له القضية أكمل له فصل الاستشارة بيمن الاستخارة وأمضى من الحكم مَا يأمن معه الكلم {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
أمره أن يواصل النظر بين الخصوم والأخذ من الظلم للمظلوم فاتحا لذلك بابه وملينا حجابه ومسويا في الخصومة إذا جرت والألحاظ إذا تصرفت والألفاظ إذا جرت بين الغني المترى والفقير المقوى والقوى الموقر والضعيف المستحقر فليس بالثراء تشرف المنازل