قد علم اللَّه سبحانه ولا يستشهده باطلا إلا من كان عن حلية الدين عاطلا أنى يذكر القاضي الأجل الإمام جمال الإسلام أهل الضمير ولمفارقته عاتب علي المقادير والشوق ينشرني ويطويني ويرميني لواعجه فيصيمينى:
وإني لتعروني لذكراك نفضه ... كما انتفض العصفور بالله القطر
لئن كانت أيام الاجتماع قصارا فقد عقدتها على جيد الزمان تقصارا وها أنا أشكوا البين وعزابه وأدعو على الحادي حين ساق ركابه فكم شجانى هذا بالتعنيب ودهابى ذلك لفراق الحبيب:
إذا ذكرتك النفس منا فقل لها ... أفيقي فأيهات الهوى من مزارك
قد كنت لفي بين يدي هجر وفي ليل لاستفر أخرياته عن فجر حتى ألقى إلي كتابه الكريم وعرض علي دره النظيم فضاهى بخطه روضا مجودا وباهى بلفظ قلائد وعقودا وأطفأ بوروده لوعتي صبابة ووجد وكأنما زعقت بفصاحته خياشيم نجد:
تسابل عنا أم ودعة والهوى ... إليها وإن كانت بعيدا مرارها
فإن تسألي عنا فإنا ببلدة ... طويل علينا ليلها ونهارها
فالمترقب من تطوله أن يستمر على هذه الوتيرة ويسترسل إلى استرسال حارثة إلى أبي المغيرة ولرأيه فِي ذلك مضاؤه إن شاء الله تعالى