والجهاد فريضة يحمله بعض الناس عن بعض وأحب إلينا أن لا يقاتل العدو حتى يدعوا إلى دين الله
ــ
فقال:"باب في" حكم "الجهاد" وهو لغة مأخوذ من الجهد بفتح الجيم أي التعب والمشقة وأما بالضم فهو الطاقة أفاده المصباح واصطلاحا قتال مسلم كافرا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله أو حضوره له أو دخوله أرضه له وله فرائض يجب الوفاء بها وهي طاعة الإمام إذا ندبه أن يذهب إلى جهة للقتال فيها تعين عليه ذلك وترك الغلول وهو الأخذ من الغنيمة قبل القسم والوفاء بالأمان أي أنه إذا أمن كافرا فيجب عليه الوفاء به ولا يجوز له بعد ذلك أن يستبيح دمه وأن لا يفر واحد من اثنين وهو معنى الثبات عند الزحف وهو قسمان فرض عين وفرض كفاية فيتعين لفك الأسارى وباستنفار الإمام بمعنى أن الإمام إذا عين واحدا أو أكثر لقتال العدو فإنه يتعين عليه ذلك ولا تسعه المخالفة سواء كان ممن يخاطب بفرض الجهاد أم لا كالعبد والصبي الذي يقدر على القتال والمرأة ويفجأ العدو محلة قوم وما عدا هذه يكون فرض كفاية وإليه أشار بقوله: "والجهاد فريضة يحمله بعض الناس عن بعض" لقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} أي المثوبة الحسنى وهي الجنة وتواتر في السنة أنه صلى الله عليه وسلم أرسل قوما دون آخرين "وأحب إلينا" أي المالكية "أن لا يقاتل العدو حتى يدعوا إلى دين الله" أي حتى تدعى كل فرقة إلى الخروج عما كفرت به فيدعى إلى الشهادتين من لم يقر بمضمونهما ويدعى إلى عموم رسالة المصطفى من ينكر العموم ويدعون إلى ذلك ثلاثة