احتسابا لله تعالى لما أمره به يرجو تقبله وثوابه وتطهيره من الذنوب به ويشعر نفسه أن ذلك تأهب
ــ
يتكلم على النية في الوضوء لأنه لم يقل ينوي عمل الوضوء وهي فرض اتفاقا عند ابن رشد لأنه لم يحفظ خلافا في وجوبها في الوضوء ولذا حكى الاتفاق على الوجوب وعلى الأصح عند ابن الحاجب ومقابله رواية عن مالك بعدم فرضيتها نصا في الوضوء ويتخرج عليه الغسل ثم اختلفوا هل تؤخذ من كلامه أم لا فقال بعضهم لم يتكلم على النية في الرسالة أصلا وقال بعضهم تؤخذ من قوله ويجب عليه أي المتوضىء أن يعمل عمل الوضوء احتسابا أي خالصا لله تعالى لا لرياء ولا لسمعة "لما أمره به" أي لأجل ما أمره به من الإخلاص المستفاد من قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} والإخلاص أن يقصد إفراد المعبود بالعبادة من غير نطق باللسان فإن مدار النية القلب ومن شرطها أن تكون مقارنة لأول واجب وهو غسل الوجه في الوضوء فإن تقدمت عليه بكثير لم تجز اتفاقا وفي تقدمها بيسير قولان مشهوران أشهرهما الإجزاء واتفقوا على أنه إذا نوى بعد غسل الوجه لا يجزئه والأصل في النية أن تكون مستصحبة فإن حصل ذهول عنها اغتفر "يرجو تقبله وتطهيره من الذنوب به الخ" أي إذا عمل عمل الوضوء خالصا قاصدا به امتثال ما أمر الله به واثقا من نفسه بأن الفعل صادر عن طيب نفس فينبغي له أن يطمع في تقبله وتطهيره من الذنوب به لما في مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ المسلم أو المؤمن فغسل وجهه يخرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطرة من الماء" الحديث "ويشعر نفسه" أي يعلم نفسه "أن ذلك" الوضوء "تأهب"